انتصرت إرادةُ الشعبِ على حكم الطاغيةِ المستبد، ولم يفتح الله على منسوبي القنوات السودانية بوعي يُغَيِّر من هذه الغيبوبة التي يعيشونها، والشاهدُ أنه لم تخرج كاميرا واحدة ترصد خيار الشعب السوداني العظيم، ولو من باب التمثيل الكذوب، وكأن هذه الثورة المجيدة لا تعنيهم، وكأن هذا الشعب الذي ينتصر لإرادته ويغير (رئيسين) بعنوة واقتدار في ظرف يومين، لا يستحق أن يجد التقدير من هؤلاء الذين يعملون بهذه المؤسسات والقنوات، وهذا يثبت أن هذه المؤسسات مازال أمرها يرتهِنُ للإداريين الذين يتبعون لدولةِ النظام المتهالكِ العميقة، ولا بد للشرفاء (إن بقيَ هناك شرفاء) أن يتخذوا قرار أنفسهم بأنفسهم، ويقوموا بإجبار هذه الادارات أن تتنحى، أو تخلي سبيل هذه الكاميرات والادوات المرتهنة الحبيسة، لتغطي ثورة الشعب وتحقق رضا الجماهير، وإلا فإن الخزي و العار الذي إتصفت به هذه المؤسسات بعدم نقلها لما يحدث من ثورة الشعب التي خضَّبتها دماء الشهداءِ والجرحى ، سيحيط بهؤلاء الذين لم يتحركوا ليقفوا في صف واحد مع شعبهم الثائر الباسل المناضل، والذي هبَّ في ثورةٍ تجاوزت الأربعة أشهر، فليس هناك من إمكانية للتسويف، ولا للإلتفاف، ولا للمواقف الرمادية، وركوب الموج، ولا انتظار ان ينجلي الموقف ليميل منسوبوا هذه المؤسسات مع من رجحت كفَّتُه، فواهِمٌ إذٱ من يظن أن حكم إدارات الإنقاذ المستبد والمتنمِّر على العاملين ، باقٍ بتسلطه الذي كان، لذلك ولهؤلاء الذين يعملون بهذه المؤسسات ممن لم يشب وطنيتهم شائب أو جرح، لا بد من بداية العمل بتطهير هذه المؤسسات، وتحجيم دور من لم يقف مع شعبه، والضغط عليه، حتى يستجيب لإرادة الأمة والشعب، فما حدث من عدم تغطية لهذه الثورة، يتطلب وقفة جبارة يتم فيها ابعاد إدارات هذه القنوات وكذلك إدارات الاخبار والبرامج السياسية التي تتبع للنظام المتهالك، وإذا كان ذلك غير ممكن في هذه المرحلة، فأضعف والإيمان منعهم من الكذب والنفاق لصالح نظام الفساد الذي لن يعود، أو الإمتناع عن تنفيذ الاوامر الكذوبة، والتي تطعن في ظهر هذا الشعب المنتفض الأبي الثائر، فليس ببعيد عن الشعب وذاكرته الحية، ما يمثل طعنة في الخاصرة، كيف صوَّرت هذه القنوات الشارع المنتفض وكأنه خلا من أهله، ومنسوبو هذه القنوات ينظرون ولا يعترضون ولا يحسون بالعار، ولابد أن يدرك من يعمل بهذه المؤسسات أنه أمام إمتحان الوطنية والثبات على المبدأ والوقوف مع الحق، ورغبة الشعب، فليس لإعلامٍ أن يخاطب شعبه بما لا يحبه وما لا يمثله، فحينها لن يكون إلا إعلامٱ متهالكٱ كذوبٱ منافقٱ لا يمثل إلا طُغمته التي حكمت واستبدت، وأضلَّت،، ففي تاريخ السودان الجديد الذي ينشد الحرية والعدالة والسلام، لن يرتهن الإعلام لفئةٍ ضالةٍ كذوبة.. لذلك لابد من تحركٍ قويٍ وسريع لتغيير هذه الصوره، وإجبارِ إدارات البؤس الإنقاذي على تحقيق إرادة الأمة صاغرين، وإلا فإن الخزي والعار الذي لازم هذه المؤسسات والقنوات سيتم كنسُهُ وبمن فيه وبالقوةِ الثوريةِ التي آن أوانها..