أكد الحراك السلمى الذى تشهده شوارع وميادين السودان الشقيق على حقائق تاريخية، لم يزل شعب السودان يعيد تأكيدها المرة تلو الأخرى، فلم يجنح السودانيون إلى تخريب أو عنف أو فوضى فى التعبير عن مطالبهم رغم قسوة القمع الأمنى، وخلال الأشهر الأربعة الماضية كانت أكبر سمات الحراك الشعبى السودانى، هى الحكمة والتنظيم والسلمية والشجاعة والبسالة، هذه الملامح التى كشفت عن أصالة عريقة ونضج سياسى، ووعى مدهش بإدراك السودانيين قيمة وقدسية بلادهم.
لقد انبهر العالم بهذا الأداء الجماعى والفردى على حد السواء، الذى علا فيه صوت الأهازيج والأغانى الوطنية التى شدا بها متظاهرون من مختلف فئات الشعب.
ويتحتم علينا الآن التأمل العميق فيما جرى فى السودان، ومن أهم الدروس هو أن الشعب السودانى العظيم لا يستحق ما عاناه خلال الثلاثين عاما الماضية من حكم الجبهة الإسلامية للإنقاذ، التى ارتكبت فى السودان ما لم يرتكبه نظام آخر، وتركت البلد الآن مدمرا فى جميع المجالات التى أعملت فيها سياسة التمكين والتمزيق والخراب. وقد استطاع السودانيون بحراكهم السلمى المنظم إزاحة رأس النظام، ومازالوا مصرين على استعادة السودان، وإعادة بناء ما دمرته هذه العقود الثلاثة، وهى مهمة كبيرة، وتحتاج حكمة وإرادة السودانيين، التى استطاعت فى كل المنعطفات التاريخية أن تخرج بالسودان سالما وتعبر به إلى بر الأمان.
قلوبنا مع إخوتنا فى كل أنحاء السودان، ونأمل أن تنقشع الغمة سريعا، ليعود السودان إلى موقعه ودوره المتقدم فى أمته العربية وقارته الإفريقية، إن أمن واستقرار وتقدم السودان أمر حيوى لاستقرار المنطقة العربية والقارة الإفريقية.