في يوم ٢٦ ديسمبر ٢٠١٨م كتبتُ مقالاً عنوانه (خلُّوا بالكم من الفريق حميدتي) جاء فيه:
انتبهوا لهذا الرجل القوي، لقد كاد أن ينضم إلي صفوف الجوعى، والثائرين، والمضطهدين، والغاضبين علي الإنقاذ..إنه ينأي بنفسه رويداً رويداً عن ظلامات الحكومة، ويقترب رويداً رويداً من صفوف عامة الشعب..
﴿وكنتُ أشير إلي مخاطبة (الفريق) حميدتي لكتيبةٍ من قواته عائدة لتوِّها من الحدود الليبية﴾..ويمضي المقال ويقول:
• فالرجل دُغري، ولا يعرفُ اللَّف والدوران، ولا (المَطْوَحة واللَّولَوَة) التي درجت عليها الحكومة.. كما أنه يفهم، مثلما كلنا نفهم، أن إيداع نقودنا بالبنوك مثلاً هو (أمانة الله والرسول) لدى هذه البنوك؛ أي هو كالوديعة المستردة لدى هذه البنوك، والمفروض أن أصحاب هذه الودائع يستطيعون استردادها متي شاؤوا، وكيفما شاؤوا، وعليه فإنَّ امتناع البنوك عن رد (الودائع) لأصحابها -بحجة نقص السيولة، أو أي حجة أخري-غير مقبول نهائياً بحسب تعبير حميدتي..قول واحد!!
• وهو يفهم مثلنا ومثل المتظاهرين ضد الحكومة أن معاش الناس، ويُسرَه، ووفرته من صميم واجبات الحكومة، وأن على هذه الحكومة أن تنهض بهذا الواجب فوراً وحالاً..قول اتنين..
• وهو يري، مثل عامة الشعب، أن الدولار في عهد هذه الحكومة يصبح كافراً ويُمسي أشد كُفراً وجبروتاً، وأن هناك من يتسبب في ذلك، وهم بعضُ المسؤولين -ووزراء، وأقرباء، وأشقاء، ومحاسيب- من داخل هذه الحكومة، أي أن الحكومة فاسدة قولاً واحداً، مثلما يقول كل شعب السودان عنها، عدا الرئيس البشير الذي ظلَّ ينفي هذا الفساد أشدَّ النفْي، ويلَولِوَه، ويتهرب من الاعتراف به..قول تلاتة !!
• ثم أن (الفريق) حميدتي يقول لرجاله: انضبطوا، والتزموا بزيكم الرسمي -بما يعني ألا تختلطوا بغيركم، ولا تسمحوا لغيركم بأن يتزيأ بزيكم فيَتِّهموكم بقتل المواطنين- وحافظوا علي أرواح الناس، ولا تقتلوهم -مثلما يقتلهم الآخرون- قول أربعة..انتهي
• وفي مقالٍ آخر كتبتُه يوم ٢٠١٩/٤/٩م قلتُ إنَّ أمام ثلاث جهاتٍ الآن أن تصنع لنفسها تاريخاً لو وقفت مواقف محددة ومنها الفريق حميدتي..﴿الذي لم تشارك قواتُه حتي الآن لا في قتل المتظاهرين، ولا حتى في القمع، والسحل، والتهشيم..وهو نفسُه كان قد نفى ذلك مراراً، وقال إنّ قواته ليست لمواجهة (العيال) المتظاهرين ولكنها لمواجهة (الرجال) من حَمَـلة السلاح في الميدان..
وهذا موقفُ الرجلِ البدويِّ البسيط في بادية السودان الذي يعرفُ بالبداهة المتوارثة أنه من المعيب للرجل المسلَّح أن يواجه بالسلاح رجلاً غير مسلح ناهيك عن امرأة -مع ما في هذا من تحوطات وتحفظات-﴾!!
وقلتُ إن الفرصة مواتيةٌ الآن أن يُعلن الفريق حميدتي بوضوح وقوفه إلي جانب الشعب، وربما سيتسامح هذا الشعب مع بعض التجاوزات، والأدران التي علقت بأثواب قواته في حروب دار فور..انتهي
• طبعاً تسارعت الأحداث بعد ذلك، وأتضح أن الفريق حميدتي هو من وزن المعادلة عندما امتنع أولاً عن قبول الاشتراك في مجلس عسكري ابنعوف، وثانياً عندما أعلن بياناً قال فيه إنَّ المجلس العسكري لابد أن يتجاوب مع طلبات الشعب مما حدا بالفريق ابنعوف أن يتنازل مُكرهاً للفريق البرهان، وهو من يرضاه حميدتي، فقبِلَ أن يكون نائباً له في المجلس العسكري !!
• والآن فإنني أقولُ إنَّ الفريق حميدتي رجلٌ صادق -فيما يبدو لنا- وبسيط، ولا يعرفُ اللولوة، واللف، والدوران، والأهم من ذلك كلِّه أنه ليس كوزاً، ولا ينبغي له..وهو على قناعةٍ تامة أن الكيزان حرامية، ولصوص، ومخربون، وأنهم يجب أن يُحاكَموا..
• وعليه، فإنني أنصحُ الثوار أن يبنوا علاقةَ ثقةٍ، ووُد، وصداقةٍ مخلصة مع الفريق حميدتي وفوراً، فإن فعلوا ذلك ضمِنوا ثلاثة أرباع الطريق إلى تنفيذ أهداف الثورة بضمانةِ الفريق حميدتي، ومن خلفه قواته الضاربة، والشرسة عند اللزوم..
• الرجل من وجهة نظري هو أصدقُ من الجميع..وليس خبيثاً، ولا يدين للكيزان بشئٍ (مثل الآخرين)، بل هم من يدينون له..وهم علي الدوام كانوا يخشَون بأسَه، وهو من يستطيع أن يذيقهم من لدنه بأساً شديداً إذا عملوا أيَّ مچمچة !!!
• إن حالةَ (الحُوسة) والشلل التي نعيشُها الآن هي نتاجُ انعدام الثقة في المجلس العسكري من قِبَل الثوار، ثم هي نتاجُ عجزِ القِوى السياسية أن تكون عظيمةً، وسامقة كعظمةِ، وسموق الثورة التي مهَرَها أبناؤنا بالدم..
ومن ثم، فإنَّ بناء ثقةٍ مع حميدتي الواحد أسهلُ، وأسرعُ من بناء ثقةٍ (مدشدشة) مع أعضاءِ المجلسِ العسكري التسعةِ الآخرين..
• سارعوا إلي صداقة حميدتي يختصر عليكم مدة الاعتصام، ويدفع لكم المجلس العسكري المتلكئ دفعاً إلي السير في طريق الثورة، ودون جرجرة رجلين، ودون تلفُّت إلي الكيزان المتربِّصين !!
• غايتو وجهة نظر !!