أري فيما أرى فناً وجمالاً.. أي شعب نحن؟ نقابل رصاص القناصة بهذا العطاء والحب، نملأ أكفنا يقيناً، ونطمئن به أمهات وأحباب الشهداء….
هذا الوطن تشظى في مهالك النظام البائد، وأُنهكت أحلامه وعافيته، دفع أنهاراً من دمائه الدافئة جسراً للحرية والانعتاق.
في المسافة المتعرجة بين الحرية والموت نبتت وأزهرت حكايا ثورتنا، سنتوارثها جيلاً بعد جيل، سنرفع رؤسنا غداً زهواً، ونحكي لأطفالنا عن حامد الشاطر وعن غدر رصاص الأقزام. حيث لا مكان للورم الخبيث. بين الأنقياء من يحملون الوطن فكرة وأملاً وجنة، وحدك أيها الورم تلفظك العافية وتظل طريداً منبوذاً وعالقاً
فيا للفرق !!! ….
وفي جدار الميدان رسمت أجمل الخطوط مستقيمة أمناً وطمأنينة بأن ليس بيننا خائن، ومتموجة دروباً لوصل الحب والتعاون، وهم شركاء في كل شئ يوزعون ويتقنون سيناريو الرواية العظيمة كأفضل ما يكون…
الشباب ذاته الواعي اليقظ يحول الميدان إلى لوحة باهية من التعدد الثقافي والأكاديمي والسياسي، كأنه يقول للعالم جاء الوقت لتعلم من نحن.
مات الشباب في الشوارع واقفين حاملين علي كفوفهم وطناً وفخراً وإيماناً بأن هنالك نقطة ضوء ما في هذا الوطن سوف تتسع لتغمر رفاتهم ..بأن من سيأتون من بعدهم سوف يزرعون بجانب القبور المشاعل لأعياد متصلة من النصر. والنصر يهز الشوارع، ولكن الصانعين هم فقط من يغمضون أعينهم في لحظات الهزة وهم حالمون.
١٩ ديسمبر وماتلاه من تواريخ مقطوعات تتردد كموسيقى حانية أتت مع نسمات الليل. وروادها قلوبهم المنتشية بالانتصارات.
١٩ ديسمبر ثورة قيم وموروثات وعمل لا قول، وضوء أنار مجرى النيلين وزينهما بأجمل الهتافات الصادقة… حق لنا أن نحتفي بها وبمن صنعوها مجداً وفاءً ومحبة.
وأنت تعد كل هذا سوف تدهش ويتملكك إحساس الفخار. هذا الوطن يسعد الآن بثروته الشبابية وكنوزه العتيقة….
دمت ياوطني .