الوضع الحالي اكثر الأوضاع دقة في تاريخ السودان منذ ١٩٥٦م ، ويطرح فرصة لتجديد الدولة السودانية بالكامل أو انهيارها بالكامل، وهذا يعتمد على مقدرة قوى التغيير والتجديد في استخدام الإمكانات والفرص التي أمامها وتحويل كل كارثة الي منفعة، ودعنا، ونحن نراهن على تجديد الدولة ولا نراهن على انهيارها نبدأ بالآتي:
أولا : قوى الثورة التي قامت بالتغيير يمتد تاريخها لثلاثين عام من الأحياء والشهداء، ومن الريف والمدن وثورة ديسمبر قادها شعبنا ورعتها قوى الحرية والتغيير فكرا وتنظيما، واليوم وغدا الشعب هو صاحب الكلمة ، وقوى التغيير الحالية تضم المجتمع السياسي والمدني والقسم الذي وقف مع الشعب من القوات النظامية والمجلس العسكري ويمكن ان يطور شراكة مع الحركة الجماهيرية وقوى الكفاح المسلح لبناء سودان جديد واعادة هيكلة الدولة السودانية بجميع مؤسساتها، هذه نقطة مركزية نبني عليها كل ما يدور في هذه الحلقات والرؤى التي تحملها.
المجلس العسكري:
· المجلس العسكري ورئيسه عبدالفتاح برهان ونائب الرئيس محمد حمدان حميدتي لا صلة لهم بالإسلاميين وبتنظيم الاخوان المسلمين وهم حلفاء واقعيين ومحتملين لقوى التغيير وهذه معلومات وليس تحليل، وهم الذين وفروا الالية الفاعلة ليطيح الشعب بعصابة الانقاذ، بينما الفريق اول عمر زين العابدين رئيس اللجنة السياسية والفريق اول شرطة الطيب بابكر والفريق أمن جلال الدين الشيخ والفريق طيار صلاح عبدالخالق هم من عتاة الإسلاميين في الجيش والشرطة والامن، وأي تحركات لتجميع الإسلاميين وتطوير الثورة المضادة تحت مختلف الشعارات ستعتمد عليهم، والفريق عمر زين العابدين على وجه التحديد الان هو العقل المدبر للإسلاميين في القوات النظامية.
· المجلس العسكري بطبيعة الحال به قوى هي التي كان لها دور حاسم في إعتقال الرئيس واجبار عوض بن عوف وصلاح قوش على التنحي، فهذه القوى من متوسطي وصغار الضباط وقوات الدعم السريع على وجه الخصوص، وهي التي دعمت ومازالت تدعم الفريق عبدالفتاح برهان، هذه القوى يجب ان تصل الي شراكة لبناء نظام جديد ينهي دولة التمكين والحرب ويصل الي السلام وتصفي أركان النظام القديم العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية قبل كل شي، وحليفها الطبيعي هو قوى الحرية والتغيير وكآفة المعارضين الحقيقيين للنظام السابق، وهي مستهدفة من الثورة المضادة ودولة التمكين ومحاولات الإسلاميين لإعادة تنظيم صفوفهم لمعاودة محاولات الاستيلاء على السلطة.
· هنالك قوى إقليمية لا ترغب في عودة الإسلاميين الي السلطة وذات برنامج واضح في مناهضة الإسلام السياسي الذي يستهدف بلدانها، وليس بالضرورة انها تسعى لبناء نظام جديد في السودان، ولكنها حليف حقيقي في المعركة ضد دولة التمكين وعلينا التعامل معها بلا تحفظ لان حركات الإسلام السياسي لها حلفاء اقليميين ودوليين يدعمونها للعودة مجدداً للحكم والقيام بثورة مضادة، والتنظيم الفاشي الذي حكم بلادنا لمدة ثلاثين عاماً يحتاج الي جبهة وطنية متحدة من القوى الوطنية والديمقراطية وتحالف إقليمي ودولي لتفكيك اركان دولة الإسلاميين الفاشية التي استمرت ثلاثين عاماً.
. الوضع في دول الجوار مختلف عن السودان، وما يصلح لدول الحوار ليس بالضرورة ان يصلح للسودان.
· علينا التفريق بين أركان دولة التمكين التي يجب تصفيتها وتفكيكها وبناء دولة الوطن لمصلحة جميع السودانيين، وبين التيار الإسلامي الذي له الحق في الوجود بالإلتزام بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ودولة المواطنة المتساوية والمحاسبة وإحترام سيادة القانون وعدم التدخل في شؤون دول الجوار والعالم الخارجي.
· على قوى الحرية والتغيير أن تصل الي صيغة مع قوى الكفاح المسلح لمخاطبة المهام العاجلة في قيام حكومة مدنية ديمقراطية والتعامل مع الواقع الحالي بتفكير خارج الصندوق لا يتنازل عن بناء نظام جديد ديمقراطي وانهاء الحرب ولا ينخدع بأكاذيب الإسلاميين والتمهيد والتضليل الكثيف لاختطاف الواقع الحالي لخلق ثورة مضادة.
· البشير واخوته وقادة النظام كان يتمتعون حتى الامس القريب بالجلوس في منازل فارهة وباستخدام الهواتف بعد اعتقالهم، الي ان قام رئيس ونائب رئيس المجلس العسكري بإنهاء الاعتقال ذو الخمسة نجوم وتم ارسالهم الي سجن كوبر.
من واجب ومصلحة المجلس العسكري ورئيسه ونائبه إعادة المفصولين من القوات النظامية والخدمة المدنية ولا سيما في المواقع الحساسة في الجيش الشرطة والأمن والقضاة والخارجية وإرسال الذين يثبت عدم كفاءتهم وجاءوا بالتمكين والمحسوبية الي خارج الخدمة، كما يجب ان تقوم حملات شعبية لتصفية الدولة العميقة في الداخل والخارج، وجمع المعلومات التي بحوزة شعبنا.
نقطة أخيرة الشارع هو الذي يحكم ومن مصلحة قيادة المجلس العسكري ممثلة في الرئيس ونائب الرئيس التحالف مع الشارع في شراكة طابعها الحكم المدني الديمقراطي وانهاء الحرب وتفكيك دولة التمكين والوصول لانتخابات ديمقراطية، هذا هو البرنامج الذي يمكن أن يحرر شعبنا من دولة التمكين ويقضي على الثورة المضادة.
في الختام قضية المؤتمر الدستوري بدأت تخرج من دائرة الاهتمام والضوء وهي قضية هامة لاعادة السودان الي منصة التكوين والتوافق على كيف يحكم السودان قبل من يحكم السودان، وهذه قضية يجب ان لا تسقط من حساباتنا في الفترة الانتقالية.
ولنا عودة في الحلقة القادمة حول العلاقة بين ضرورة مواصلة الضغط الشعبي وبناء النظام الجديد والوصول الي جبهة من قوى التغيير توفر الدعم الشعبي لإقتلاع مؤسسات التمكين.