مانشيت في الأخبار يقول بالخط العريض رؤساء أحزاب
الوفاق يدعمون المجلس العسكري ..! وأحزاب الوفاق هذه هي الأحزاب الوهمية (مقطوعة
الطاري) التي أنشأها المؤتمر الوطني حتى بلغ عددها فوق المائة.. ودفع لها حق
التسجيل ثم تولاها بالرعاية و(المظاريف) من مال الدولة طبعاً وتكفل لها بالأكل
والشرب والإقامة والترحيل.. وكان المؤتمر الوطني (لا يطلب منها الكثير) فهو فقط
يطاب منها إصدار بيان أو تصريح يخطرها بمضمونه ويمليه عليها، وفي بعض الأحيان
يستدعيها في (الزنقات) لحضور لقاء عام في المكان الفلاني فتسرع مهرولة.. وكان يدفع
لها (حق المواصلات والعودة) ويجعلها تظهر صامتة أو تلقي بعض كلمات التأييد
(المُتفق عليها) وكان الله يحب المحسنين..! وقد كان المؤتمر الوطني يطلق عليها
تسميات مختلفة؛ فحينا هي الأحزاب المُسجّلة وحيناً آخر يسميها أحزاب الوفاق أو
أحزاب الاتفاق أو أحزاب” الحوار الوطني” أو أحزاب “الوحدة
الوطنية” وتارة أحزاب الوثيقة أو (أحزاب 2020) وفي الجانب الآخر تفنّنت
الحاسة الشعبية في تسميتها وتبعتها بعض المصادر السياسية والإعلامية فكانت تصفها
بـ(أحزاب الفكّة) والأحزاب المتوالية وأحزاب (النرجدة) نسبة للنور جادين وهو رئيس
حزب من هذا النوع كان من المبادرين بالانشقاق من أحزابهم الأم والاتجاه نحو
المؤتمر الوطني.. وأحيانا يسمونها (الأحزاب الرديفة) و(الأحزاب الكرتونية) و(أحزاب
الحيرة) أو (الأحزاب الضرار) و(أحزاب الفرملة) و(أحزاب الكِرتلة) وأحزاب (معاكم
معاكم)…الخ
هذه الأحزاب تتكّون أحيانا من رئيس الحزب وحده،
وأحياناً من رئيس الحزب وزوجته أو (أحد معارفه).. وأحياناً يكون فيها رئيس ونائبه
فقط، وأحياناً تكون عضوية الحزب بمقدار حمولة (حافلة 12 راكب) ومع ذلك يسمح
المؤتمر الوطني بتسجيلها ويدوس على شروط التسجيل..وليس من الضرورة أن يكون لها مقر
أو مكتب أو أختام أو حتى (أوراق مروّسة) ولا يطلب منها أن تعقد جمعيتها العمومية..
فماذا يفعل رئيس حزب إذا طولب بذلك وجمعيته العمومية لا تتعدى شخصه أو معه (أخوه
من الرضاعة)..؟! ثم يجعل المؤتمر الوطني لهذه الأحزاب كياناً تنسيقياً له رئيس
إسمه (رئيس مجلس أحزاب الوحدة الوطنية وهي (وظيفة انتيكه) يمارسها شخص (من
منازلهم) ويتحدث باسم هذه الأحزاب جميعاً متى ما أمره المؤتمر الوطني بذلك..!!
هل رأيتم مثل هذا اللعب..؟! ثم هل رأيتم (صغر نفس)
رؤساء هذه الأحزاب؟! أنهم يريدون توسيع الشقة بين المجلس العسكري وقوى الحرية
والتغيير ولا يهمهم احتقان الوطن وتعويق مسيرة الديمقراطية والانتقال للحكم
المدني.. ويبلغ صغر نفس رؤساء هذه الأحزاب غايته بعلمهم إن التفاوض حول هياكل سلطة
الانتقال لا يكون إلا مع قوى الحرية والتغيير.. فهم يعلمون أنهم خارج هذه العملية
ومع ذلك يصرخون بتأييدهم للمجلس العسكري وهذا هو أقصى ما في قدرتهم.. وهم يظنون إن
في ذلك مكايدة للثوار والثورة ولكنهم في حقيقتهم يتباكون على زوال الإنقاذ وانقطاع
(المظاريف والمصاريف).. فهم يهللون لأمر لا يعود عليهم بشئ مثل الخاطب المُفلس
الذي سأله أهل العروس عن مؤهلاته وعمله ومصدر رزقه فقال لهم (عمي مغترب)..! أو هم
كما روى ابن الجوزي في “أخبار الحمقى والمغفلين” عن رجل كان في حلبة
السباق وعندما فاز فرسٌ بالمرتبة الأولى جعل يقفز ويهلل فقيل له: هل هذا حصانك؟
قال: لا ولكن اللجام لي..!!
ماذا يعني إعلان رؤساء هذه الأحزاب (الميكروسكوبية)
ذات الخلية الواحدة التي تماثل تركيبة (الحشرات الدنيا).. ماذا يعني إعلانهم تأييد
المجلس العسكري؟ والمجلس نفسه يعلم انه في أحسن الأحوال سيكون شريكاً رمزياً في
سلطة الانتقال المدنية حتى يتفرغ الجيش لوظيفته الحقيقية.. وليس الحُكم من
وظائفه..! هل هذا هو كل ما في حيلة هذه الأحزاب التايوانية من إسهام في الحياة
السودانية؟ إعلان تأييدهم للمجلس العسكري نكاية في الثورة..وهم الذي ساروا في ركب
الإنقاذ.. وكانوا بمثابة الفرملة لعجلة الديمقراطية وشايعوا القتلة والحرامية حتى
آخر دقيقة…(ياخي جاتكم نيله)..!
murtadamore@yahoo.com