نعلم جميعا ان النظام البائد قد احكم قبضته حول مفاصل الدولة ولن تجد أي مؤسسة سواءا كانت عسكرية أو مدنية إلا وقد تم أدلجتها لصالح المنظومة الحاكمة بل وتعدي الأمر ذلك بمسافات حيث مارس النظام اجندته في داخل مكونات المجتمع سيصعب على الوضع الجديد تلافيه وإن كانت الفترة الانتقالية 4 أو حتى 8 سنوات ، وسأحاول أن تتناول ذلك بتوضيح أكبر:
نحمد الله أن قيض لنا من أمره مخرجا من داخل رحم هذه المؤسسات ، بل نجد من بيتها من كان صنيعة خالصة بل منتج تفرد به النظام (الدعم السريع) حيث خص رئيس الدولة هذه الشريحة برعاية خاصة جعلت هذه القوات هي النافذة والأقوى بين المؤسسات العسكرية ولا ننسى هذه القوات في معظمها تتبع لقبيلة واحدة ما يجعل أمر تفكيكها حرجا خصوصا بعد الدور الكبير الذي لعبته في تمكين الشعب من استرداد بلده السودان من حضن نظام عقائدي تجدر وتعمق في مفاصل المجتمع وذلك بالمال والتوظيف ووسائل أخرى جعلت جزء كبير من المجتمع سدنة!!!
تصور قوي التغيير عن الفترة الانتقالية اربع سنوات بينما العسكر يريدونها سنتان!
اما كان الأجدى تحديد مهام الفترة الانتقالية تفصيلا ومن ثم يتم تحديد المدة المطلوبة لتنفيذها؟
ربما لجأت قوي للتغيير لمنطق أن التخلص من تبعات النظام السابق وتطهير البيئة السياسية تحتاج على الأقل لتلك الأربع سنوات، ولكن يجب تحديد تلك التبعات (تشخيص الأمراض) وتبعا لذلك تحدد الوسائل (الدواء) …
اما منطق العسكر فهي محاولة منهم لتأكيد رغبتهم في عدم إحلال نظام شمولي بٱخر ومخاطبة دول ذات الثقل للحصول على التأييد… ولكن أيضا لم يفصل المجلس لماذا اختار سنتان وليست سنة كما في تجربة مجلس سوار الذهب؟
كم نحتاج من الوقت لتطهير القوات المسلحة كمؤسسة وطنية لا تقبل الانحياز لجهة على حساب جهة؟
سنكون مخطئين ان ظننا انه وبطرد الأفراد المناصرين من هذه المؤسسة أن المشكلة قد حلت ، إعادة بناء هذه المؤسسة يبدأ من إعادة الحياة للعقيدة العسكرية التي أن تسير عليها هذه المؤسسة وهذا يحتاج إلى مؤتمر يضم أهل الاستراتيجية من العسكريين والمدنيين لوضع النظرية والهيكل التنظيمي وتحديد الدور والأهداف مع تمثيل منصف لكل أطياف المجتمع دون الإخلال بمبدأ الكفاءة
كم نحتاج من الوقت للتخلص من مليشيات النظام سواءا كانوا داخل الجيش أو القوات النظامية أو ضمن مجموعات غير منتظمة وهي متشربة بعقيدة النظام السابق وخطورتهم تأتي من أنهم غير معلومين ويعيشون بيننا ومنهم من يكون على هيئة معارض ومنهم من يكون على هيئة منتمي لكيان سياسي أو ثقافي أو رياضي أو مجتمعي…
ومن الجهة التي ستدير المرحلة الانتقالية المقترحة (الأربع سنوات)؟
من الضروري أن لا نتجاهل الإجابة على هذا السؤال،،،
سيقول الناس هم قوي إعلان الحرية والتغيير ، ولا خلاف على ذلك من حيث النظرية ولكن يجب أن لا ننسى أنه وخلال الفترة الانتقالية ستعمل كل جهة أو كل فزد لصالح ماعونه السياسي (بالرغم من قصر الفترة الانتقالية في انتفاضة 6 أبريل إلا أن المجلس عمل على تعزيز مكانة الجبهة الإسلامية من خلال سوار والجزولي)
ما الضابط المؤسسي الذي يجعل من الفترة الانتقالية تحقق أهدافها الموصوفة والمتفق عليها دون محاولات تجييرها لصالح جهة ما؟
مع العلم ان المواعين السياسية الآن زادت ونمت وتشكلت وتجزأت حتى أصبحنا لا نفرق بين جهة وأخرى من تشابه أسمائها، أضف إلى ذلك الحركات المسلحة وما تم فيها من انشطارات مع ادعاء كل جهة بأن الأحق بمكتسبات الثورة !!!
أصبحنا بين مطرقة التخلص من النظام البائد بكل تعقيداته وبين سندان الوضع السائد والذي هو نتاج عن النظام البائد نفسه مع سهولة استخدام عامل التخوين وزرع الفتنة بين جهة وأخرى…
انا شخصيا مع قصر الفترة الانتقالية لأكثر من سبب (بحد أقل سنة وبحد أعلى سنتان):
1- العسكر ميالون للحكم بحكم امتلاكهم للقوة ولنا في تجربة الإخوان عبرة (رغم الانحياز الفكري للعسكريين إلا أنهم في كثير من المواقف أبانوا اختلافهم مع توجهات المدنيين من نفس التنظيم).
2- قصر الفترة الانتقالية للمجلس ولقوى التغيير بكون عاملا محفزا في تحقيق الأهداف ودخول التاريخ للأشخاص المنضوين في مؤسسات الانتقالية (الولايات المتحدة بكل قوتها وجبروتها حددت اربع سنوات كفترة كافية لرئيسها لتحقيق أهدافه).
3- يمنع قصر الفترة الانتقالية الأفراد والأحزاب من تحقيق اجنداتهم الخاصة بالتركيز والاستعداد للفترة التي تلي الانتقالية.
4- طول الفترة الانتقالية يعزز من حالات الاستقطاب المحلي والإقليمي والدولي ينتج عنه مصادمات بين مكونات قوي التغيير ما قد يكون سببا في فشل الفترة الانتقالية ومن ثم يعزز الشعور لدى العامة بفاعلية العسكر في الحكم.
5- اهم الاسباب التي تجعلني مؤيدا لقصر الانتقالية هو وهج الثورة والاستعداد الفطري في التخلص من النظام وتطهير البيئة السياسية من معتقداته ورموزه (عند فقدان عزيز نبكي ونتألم ونكون مستعدين لفدائه بكل ما هو غالي وسرعان ما يبدأ ذلك الشعور في الانخفاض حتى يصل إلى درجة النسيان)!
بعد اربع سنوات سينسي الناس أمر النظام البائد ويتوجه التركيز نحو بناء الأحزاب وانتشارها لتحقيق مكاسبها عند إجراء الانتخابات ، وفي المقابل سيتمكن الاخوان من إعادة تجديد أنفسهم ربما بماعون سياسي جديد أو ربما بإختراق المواعين السياسية الأخرى لتمرير أفكارها ورؤيتها ولا ننسى أن جزء منهم متواجد اصلا في الأحزاب والحركات المسلحة.
لهذا يجب ويجب اجتثاث النظام الكيزاني لا بالشعارات والهتافات ولكن من خلال إعمال القانون بمحاكمة النظام محاكمة تاريخية تنتهي إلى حرمانه من ممارسة السياسة في السودان (لنا من الأسباب ما يكفي لعمل ذلك وربما نسير لأبعد من ذلك بوضعهم في لائحة الإرهاب) ، إذا استطعنا أن نعمل ذلك فلا حاجة للخوف ولا حاجة للأربع سنوات وربما تكفينا السنتين وزيادة!!! والله اعلم