- قلتُ هذا سيكون عـام الحسـم، وقد كـان، ولله الحـمدُ والمِنَّة
- علينـا ألَّا نفكر بعقلية الغضـب والاعتراض، وهذه رسالتـي ونهجي
- لست منزعجة للشائعـات رغم ألمها، والشـكرُ لمن أهـدى إليَّ عيوبي
- اعتـذارٌ للثوار أن تباطأت خُطانا، فتطاول انتظارهم وهم يمسكون بجمرِ الثورة
أولاً: عند عودتـي للبلاد في 16 نوفمبر 2018م قلتُ
إنَّ هذا عام الحسم، وستشهد الأشهر القادمة نهاية عهد اللعب بالسودان. كنتُ أعنـي
ما أقول لإيماني، ويقيني، بأن الرهـان على هذا الشعب لن يخيب. وظللتُ أعمل بجد مع
زملائي في نداء السودان لذلك، وكنا نواصل الليل بالنهار في تنسيقية قوى الحرية
والتغيير حتى أصبـح حلم الخلاص واقعاً، لتدخل بلادنا في الحادي عشر من أبريل
مرحلةً جديدة قوامها الحرية، وأصبح الطاغية و زمرته في مزبلة التاريخ.
إنَّ ما تحقق من حرية هو مقدمةٌ لاستكمال بقية شعارات
ثورتنا (حرية سلام وعدالة، والثورة خيار الشعب). فالسلام هو وجهتنا الآنية كأهم اشتراطات
الاستقرار، والانتقال الديمقراطي المدني، كما أنَّ إنصاف المظلومين، وضحايا القهر،
والبطش، ومحاسبة كل من أجرم في حق الوطن والمواطن من واجبـات العدالة الانتقالية
كمدخلٍ حصري لبناء عقد اجتماعي جديد لسودان الغد المؤسس على العدالة الاجتماعية.
وسأعملُ بإذن الله مع رفقاء النضـال والكفـاح لاستكمال عملية الحسـم “ذَٰلِكَ
وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ”. وستشهد الأشهر القادمة نهاية عهد العبث بمستقبل
الشعب السوداني بإذن الله.
ثانياً: إنَّ أكبر التحديات التي تواجه شعبنا بعد
خـلاص الوطن من النظام المباد هو عملية البناء الوطني على أسسٍ جديدة، بعد تصفية
دولة التمكين، وإدخال تحولاتٍ جذرية على بنية مؤسسات الدولة، لكي تتمكن من أداء
وظائفها الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية بكفاءة تستند إلى الرضا
الشعبي، والتعاون الإقليمي والدولي، وهذا لا يتأتى إلا بالتفكير بعيداً من حالة
الغضب، وقبول الآخر، وعدم الإقصاء إلا لمن عزل نفسه بالمشاركة في تخريب الوطن، وفي
قمع وقتل المواطنين.
وعليه أقول لكل شركائنا في الوطن: إن بلادنا في أشد
الحاجة إلى مقاربةٍ كسبية، أجندتها مطالب شعبنا المنصوص عليها في إعلان الحرية
والتغيير، دون غضبٍ أو ردود افعال.
ثالثاً: شـنَّ النظام المباد، طيلة سنواته العجاف،
حملاتٍ إعلاميةً ممنهجة لتشويه صورة حزب الأمة القومي. بتلفيق شتى الاتهامات
لقياداته، والتشويش على مواقف الحزب الواضحة في دعم الحراك الثوري وذلك لكي يعزل
قاعدة الحزب العريضة، ويزرع الشقة وينزع الثقة بين قوى التغيير. وللأسف تلقف البعض
طعم النظام المباد دون تبصر بعد الثورة. وكنـتُ، ومازلتُ، غير منزعجة للشائعات،
والاتهامات المرسلة لقناعة راسخة بأن ما نقوم به هو واجب الوطنية والتجرد، وأنه لن
يضيع سدىً مهما علت أصوات الغرض والاستهداف، ومهما تعددت محاولات اغتيال الشخصية.
وإن علينا التشبه بذلك النهج الثوري المصمم:
أصم عن غضب من حوله ورضا.. في ثورة تلد الأبطال أو تئد
وكان ما يصرفنا عن
التوضيح أن الإعلام كان مجيراً لخدمة التوجيهات الأمنجية المضللة، لكن العهد
الجديد المبشر بحرية إعلامية بالرغم من أن ظلال الدولة الأمنجية لا تزال ماثلة.
وفي هذا الصدد أؤكد أنَّ كلَّ الاتهامات باختطافي منبر
قوى الحرية والتغيير مجردُ افتراء، لأن قوى الحرية والتغيير تنهض على آليات تدار
جماعياً عبر قياداتٌ شابة، مسؤولة، وعلى درجةٍ عاليةٍ من الوعي، تشاركنا معها
سوياً الهمَّ الوطني، وقدَّمنا معاً كل ما لدينا بلا مـنٍّ ولا أذى، مع توفر كامل
الاحترام بيننا.
ثمَّ ما تردد بشأن اتهامي
بتلقي أموالٍ من دولة الإمارات أو لقائي بالسيد محمد دحلان، وربط ذلك بزيارتي الأخيرة
لأبوظبي، محددة الهدف مسبقاً، هو كذلك محضُ افتراء. فقد طلبت الالتقاء بأهلنا في
الإمارات لأشكرهم على وقفتهم النبيلة معنا عندما أوصد باب شقيق في وجه الامام
الصادق المهدي، فاستقبلنا أهلنا في الإمارات بحفاوة واستضافونا بكرم حري بهم.
وهذه أول رحلة خارجية لي بعد إزالة حكم الطاغية،
وكنائبة لرئيس حزبنا للاتصال السياسي والدبلوماسي يهمنا بالطبع القيام باتصالات
واسعة استشرافاً للعهد الديمقراطي الجديد، وحرصاً على دعم مطالب شعبنا المشروعة،
فنحن نمثل امتداداً لكيـانٍ عُرف بعفة اليد، واللسان، وليس لدينا ما نخفيه على
شعبنا، واحترامهم لنا وثقتهم فينا ظل رأسمالنا ومعيننا الـذي لا ينضب وعزاؤنا في
كل ما يصيبنا من حيف و عدوان.
ومهما كثرت التلفيقات حولنا من قبل فقد كان الشعب
قادراً على تمييز الفبركات، وأعطانا في كل الانتخابات الديمقراطية الحقة ثقته التي
نعتز بها ولن نفرط فيها، ونظل نقدم ما ملكت يدنا من أجل رفعته ورفاه اهله.
رابعاً: للثـوار وللكنداكات والميارم، ولشعبنا بكافة
قطاعاته علينا اعتذارٌ واجب، وهم يقدمون الشهداء والجرحى ويحرسون متاريس الاعتصام
ويتمسكون بسلمية الثورة، إذ أبطأت الخطى، وتطاولت بنا العملية السياسية لنقل
السلطة للشعب، ولكن العزاء أن ذلك لم يكن إلا لإرادة التمام، والرغبة في التجويد.
وأقول إننا بذلنا جهد المُقل بدافع الحرص، وإذا لم
ندرك النتيجة المطلوبة بشأن استعجال استكمال حلقات الثورة، وتحصينها في مواجهة
مضاداتها، فذلك لتباين التقديرات والمواقف.
وما يزال الأمل معقودا أننا وزملاؤنا في قوى الحرية والتغيير سوف لن ندخر
جهداً للوصول بسفينة الوطن إلى بر السلام والحرية والديمقراطية والعدالة والنماء،
متحلّين بروح الاحترام وإعلاء شأن الوطن فوق كل اعتباراتٍ أخرى. ونطور اجسام
تحالفنا من أجل الوطن وأهله بالتوافق على المجلس القيادي لقوى اعلان الحرية والتغيير
الذي يشكل مرجعية التفاوض والقيادة السياسية وتشكيل لجانه الاستشارية المتخصصة.
وتوسيع الذراع التنفيذي؛ اللجنة التنسيقية وهيكلتها بما يضمن المشاركة الأوسع فيها
من كل موقعي اعلان الحرية والتغيير، اضافة للجنة الاتصال والتفاوض.
خامساً: جزيـلُ الشكر لكل من هاتفني، أو كتب عن مسيرتي
السياسية، والتي هي غير مبرأةٍ من أخطاء الاجتهاد والممارسة، مما يجعل نقد هذه
المسيرة فعلاً طبيعياً
ومقبولاً، بل مطلوباً بإلحاح، فنصف رأيك عند أخيك، وأختك.
كامل تقديـري وشكـري للحبيبات والأحباب في قيادة حزب
الأمة القومي لثقتهم الكبيرة، وللزملاء في قيادة نداء السودان لانتدابهم لي في
أحلك الظروف للتنسيق مع الآخرين لقيادة الحراك الثوري.
كذلك العرفان ممتدٌ إلى الزملاء في تنسيقية قوى الحرية
والتغيير، ولجنة الاتصال والتفاوض، للتعاون الكبير لإنجاز أهم مراحل الثورة؛
المحروسة بوعي الشباب وعزيمتهم وحضورهم المستنير. وبإذن الله أواصل مسيرة العطاء
مع الأحباب والحلفاء في حزب الامة القومي ونداء السودان وقوى إعلان الحرية
والتغيير وكل الشركاء في التغيير في الوطن الجميل؛ بعزم و أمل وعمل دؤوب حتي نحقق
كافة مطالب شعبنا بمشيئة القائل {وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعَى}.
ختاماً: أبارك لكم حلول الشهر الفضيل. وأسأل الرحمن
الرحيم أن يتقبل صيامنا وقيامنا، ويكتب لنا في شهر القرآن صالح الأعمال والبر، وأن
يهيئ لنا ولبلادنا من أمرنا رُشداً. إنه
قريب مجيب سميعٌ الدعاء.
نائبـة رئيـس حـزب الأمـة القومـي