ليس صحيحاً أن الذين سفكوا دماء القتلى والجرحى من الثوار المُعتصِمين في ليلة الإثنين 13 مايو 2019 كانوا أشخاصاً “مُندسِّين” كما (أجمع) على القول بذلك المتحدثون بالمؤتمر الصحفي للمجلس العسكري، فالذي يُوصف بالمُندس هو الذي يُمارس أفعاله الإجرامية في الخفاء وعن طريق التمويه، والشاهد أن الذين يُحرِّضون أعداء الثورة للقيام بالتعدي على الثوار ويحتجون على إستمرار الإعتصام السلمي، يفعلون ذلك في العلن وبقلب جامد وبوتيرة يومية لا تكاد تنقطع، وهم يفعلون ذلك بالكتابة الصحفية التي تُحرّض بشكل مُباشر على فض الاعتصام وفتح الطُرق بالقوة، وتفتري على الثوار بأكاذيب ليس لها أساس في الواقع، كالقول بأن الثوار يُدخنون الحشيش ويمارسون الرذيلة …إلخ.
الفاعل الحقيقي في الهجوم على الثوار ومحاولة إفشال الثورة ليس هو الشخص الذي يحمل البندقية أو يُطلق منها الرصاص، وإنما الذي يُطلق التحريض في الهواء مثل ما يفعله الصحفي الهندي عزالدين والطيب مصطفى والرزيقي ويحثون في كتاباتهم الناس يومياً على الانقضاض على الثوار لكونهم زنادقة وأعداء الدين، ووبالطبع مثل هذا التحريض يُصادف هوىً في قلوب شباب مغيّبين ومتطرفين، فيحملون بنادقهم ويمارسون القتل بدم بارد – كما حدث – وهم يعتقدون أنهم بذلك يقدمون خدمة للدين والشريعة.
ما حدث ليلة أمس يُعتبر درساً لقوات الدعم السريع التي أنكرت علاقتها بالأحداث جزماً وقطعاً، وعليها أن تفهم أن الذي جعل أصابع الإتهام تتوجه إليها وتتهمها من أول وهلة، ليس لكون الذين أطلقوا النار يرتدون الزي الخاص بقوات الدعم السريع، فقد أصبح التزيِّي بلبس قوات نظامية عن طريق الانتحال من الأمور الشائعة وواحدة من تركات النظام المدحور، ولكن السبب الرئيسي في إلصاق تلك التهمة بقوات الدعم السريع هو أن الشعب كله كان قد تابع في عصر نفس اليوم نزول مئات الجنود من قوات الدعم السريع للشارع وتعديهم بالضرب المبرح بالسياط على الشباب من الجنسين في محاولة لفض الاعتصام وفتح الشوارع، وهي وقائع ثابتة وقد تم تداولها عبر الوسائط المختلفة. فقد كان الهدف واحداً عند الذي ضرب بالسياط والذي أعقبه بعد ساعات بإطلاق الرصاص.
لا بد أن يكون يوم أمس نقطة فاصلة في تعامل المجلس العسكري مع كتائب الظل وفلول النظام العاملين بأجهزة الإعلام والصحافة والخدمات الإستراتيجية مثل الكهرباء والمياه والبنك المركزي وكذلك بالقوات المسلحة والأمن والشرطة والنيابة العامة والقضاء والسلك الديبلوماسي … إلخ.