في أمسية رمضانية (السبت 18 مايو 2019م) ازدانت بحضور أنيق من الاعلاميين والمهتمين بالشأن العام بالبلاد، نظم مركز أماروس للخدمات الصحفية حلقة نقاش بعنوان: “السودان: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل”، تحدثت فيها نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية أسماء الحسيني، والمتخصص في العلاقات الدولية الإعلامي نبيل نجم الدين. فضلاً عن مداخلات الحضور الذين اثروا الجلسة بالتطرق إلى أهم التحديات الماثلة أمام الثورة السودانية، وكيفية التعامل معها.
ترحيب بالضيوف: ابتدر الحديث رئيس مجلس إدارة شركة اماروس للاعلام والعلاقات العامه المحدودة المستشار البشرى عبدالحميد مرحبا بالضيفين الكريمين أسماء الحسيني، ونبيل نجم الدين في وطنهما الثاني السودان؛ لافتاً إلى الاهتمام الكبير الذي يوليانه للسودان ولأهله، مؤكدا في الوقت ذاته على عمق العلاقات الطيبة بين الشعبين المصري والسوداني، والمصير الواحد الذي يربط بينهما.
وقال البشرى: “إن هذا العنوان الكبير لموضوع هذه الفعالية ليس من السهل مناقشته في جلسة مدتها ساعتان، إلى أن مخرجات النقاش ستكون أجندة لتفاصيل كثيرة حول قضايا متداخلة منوها بأن المركز سيدعو في المستقبل متخصصين للحديث في هذه المجالات حتى يخرج الجميع بشئ جيد، وأعرب عن سعادته بأن يكون افتتاح المنتدى الثقافي للمركز بهذه الحلقة، وضيوفها الكرام.
رسالةدكتور عثمان البشرى: تلا البشرى عبد الحميد رسالة دكتور عثمان البشرى صديق الضيفين والمقيم في مصر، رحب من خلالها بالاستاذة أسماء الحسيني والاستاذ نبيل نورالدين واصفاً إياهما بالقامتين اللذين قد لايعرفهما كثيرون؛ مشيراً إلى ما بذلاه من جهد وحب للسودان ولأهله، وتابع بالقول: “لقد حملا ثورته جنيناً ثم طفلاً، حتى شب فأصبح يانعاً، وحقق النصر على جلاديه”.
وقال البشرى: كانت الثورة تحتاج إلى غطاء إعلامي خارجي تلفتنا ذات اليمين وذات اليسار، فيد الإنقاذ طالت حتى القنوات الفضائية الخارجية، هرعنا إليها (أسماء الحسيني) جالسناها في الأهرام وكافيهات القاهرة، وتابع بالقول كانت تخطط معنا بمن نتصل ومع من نتكلم، تراها في بعض الأحيان أكثر حماسا منا، وأضاف البشرى محمد عثمان قائلا : لقد راهنت أسماء في حديثها لكل القنوات على ديمومة الثورة؛ مشيراً إلى الكثير الذي يستحق أن يكتب عن أسماء ورفيقها نجم .
وتطرق البشرى إلى العلاقات المتوازنة مع مصر التي يريدونها أن تتخطى المفاهيم النمطية والاشكاليات الطارئة، علاقات يقودها من يؤمن فعلا بأن السودان ومصر لا فكاك بينهما. توحيد السودانيين على أسس جديدة: تحدثت نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام أسماء الحسيني عن تجربتها مع الصحافة، وكيف أنها تعلمت من أساتذتها في الصحافة السودانية، معبرة عن شعورها بأن الناس في السودان هم أهلها، وحول إدعاء البعض أن الثورة تأخرت في السودان، لفتت أسماء إلى أن الثورة السودانية كانت منذ 30 يونيو 1989م في إشارة إلى نضالات السودانيين المستمرة من حروب في دارفور والجنوب وشهداء سبتمبروغيرهم من الشهداء.
ولفتت أسماء إلى الكفاءات السودانية التي هاجرت من البلاد، وتشريد الصحفيين الاكفاء؛ لأن الوضع السابق أضر بالسودان، مبينة أن الشخصية السودانية التي كانت محل ثقة صارت محل شكوك بسبب النظام السابق.
وأكدت نائب رئيس تحرير الأهرام أن السودان محتاج إلى عمل كبيرووضع ذي مصداقية يتوافق عليه السودانيون، وتابعت بالقول” “هنالك فرصة لتوحيد السودانيين على أسس جديدة باعتبار أن الوضع لم يكن سليماً لتعاون المجتمع الدولي مع السودان”، وأشارتإلى أن السودانيين أمتلكوا خبرات لتجنب مزالق ما بعد التغيير في الدول المجاورة، مبينة أن التحديات كثيرة، واستدركت” “لكن حكومة مدنية مؤهلة بكفاءات ودعم القوات المسلحة ستعبر بالسودان إلى برالامان”.
استعادة السودان الجميل: وقال المتخصص في العلاقات الدولية نبيل نجم الدين: “يجب عدم إعطاء الفرصة للمتربصين بالسودان”، مشيراً إلى أن ما حدث خلال الثلاثين عاماً الماضية أمر جلل تمً خلالها تشويه الهوية السودانية، ومنظومة القيم؛ لافتاً إلى أن السوداني كان يضرب به المثل في جودة الإنسان، والسمعة الطيبة في كل المجالات.
وتساءل نجم الدين عن كيف نستعيد السودان الجميل؟ مشيراً إلى ضرورة عدم إضاعة الوقت في الصراع، وأن على الجميع أن يقبلوا بعضهم بعضاً، والابتعاد عن إعطاء صكوك الوطنية والخيانة، وأن يحترم الناس بعضهم، ومن ثم تأتي المصالحة التي يعقبها وضع خطة للبناء واعتماد دولة القانون التي تبدأ من الأعلى، ووضع دستور محدود المواد وأن تكون المحاسبة بصورة عاقلة ، وأضاف قائلاً: توقعات الشعوب بعد القمع تكون عالية، ولكن المتاح من امكانيات ضعيف جداً، لذلك لابد من الانتباه لهذه المسألة.
الأجهزة الإعلامية مسخرة للحاكم:
أما الصحافي مجذوب عيدروس، فقد أشار إلى أهمية ربط الديمقراطية بالتنمية، فضلاً عن مناداته بضرورة وجود برنامج اسعاف اقتصادي، إضافة إلى أهمية استرداد الأموال المنهوبة التي بلغت 300 مليار دولار.
وقال عيدروس: “لا بد من نظام ديمقراطي سليم بعيداً عن نظرية مثلث حمدي ينصف المناطق المهمشة”، لافتاً إلى أن الأجهزة الإعلامية كانت مسخرة للحاكم، وكثيرمنها تبدل عقب التغيير الذي حدث، مبيناً أن مشكلة الصحافة تكمن في الصحفيين أهل الولاء والانتهازيين عديمي الموهبة.
فلترة فلول النظام السابق:
أكد الناشط السياسي وأحد شباب الاعتصام عروة الصادق أهمية تدارك الميدان حتى لا تحصل به هزة، مشيراً إلى عدم وجود استفزازات من الثوار للقوات النظامية، ولفت عروة إلى أن أحداث يوم 8 أججت الوضع، موضحاً أن هنالك عوامل زرعت لفناء الميدان من داخله، واستدرك لكن الناس نجحت في تفويت الفرصة.
ونبه عروة إلى أن الشباب بالميدان حديثي تجربة بالسياسة، وعليه، لا بد من كتيبة بناء، فضلاً عن أن مطلوبات الانتقال المدني غائبة عن الشباب.
ونادى عروة بأهمية مواجهة تحديات الموجة الدينية المضادة، قائلا: هذه المجموعة ترغب في عمل هوجة دينية، وهذا يتطلب خطاباً دينياً واعياً، لافتا إلى أن أي حديث عن تدخل دولي سيحرك دواعش السودان، وطالب بضرورة فلترة فلول النظام السابق.
السودان بلد واعد
تحدث محمد حاج الشيخ تحدث عن آفاق المستقبل، قائلاً: “السودان بلد واعد وغني بموارده وقواه البشرية، لذا يجب التركيز بعد تفكيك الدوله العميقة في التعليم والصحة، وهما المدخلان الرئيسان للتنمية المستدامة”، وأشار إلى تجارب ماليزيا وسنغافورة ورواندا.
الشباب رهان الثورة
وشدد الصحافي إسماعيل محمد علي على ضرورة إزالة كل مفاصل الدولة العميقة التي تمثل أكبر التحديات التي تواجه الثورة، مراهناً على شباب ميدان الاعتصام الضامن لنجاح الخطوات في طريق التحول الديمقراطي.
تحرير الإعلام
وأكد الصحافي معتصم محمود أهمية الصحافة والإعلام عموماً في المرحلة المقبلة، وضرورة تحرير الإعلام من المتغولين عليه من النظام السابق، حتى يمكن أن يؤدي دوره في التنوير، وترسيخ الوعي، بدلاً من التغول عليه من المرتزقين.
تصفية الدولة العميقة
خلصت حلقة النقاش إلى ضرورة إعادة هيكلة الخدمة المدنية والعسكرية والإعلامية والدبلوماسية، وتحرير النقابات ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الطوعية والخيرية بشكل عام، واسترداد أملاك الدولة التي تم بيعها وتفكيكها، واسترداد الاموال المنهوبة من الخارج، والتحقيق حول الفساد، والقبض على المفسدين الموجودين والهاربين، ومحاكمة القتلة والمتعدين على الافراد والجماعات، والمتهمين في جرائم ضد الدولة، والجرائم ضد الانسانية، وجرائم الحرب.