منذ بدء الحراك الشعبى فى السودان فى 19 ديسمبر الماضى، وأنا أتابع أخبار السودان لحظة بلحظة، أضع يدى على قلبى، أدعو الله للسودان وأهله بالسلامة والنجاة، والناس من حولى يسألوننى فى كل مكان بلهفة وشغف، ما الذى يجرى فى السودان، كنت أحس أنهم يعبرون عن خوفهم وقلقهم على أشقائهم فى جنوب الوادى، كان السؤال فى حد ذاته هو أبلغ تعبير عن التلاحم الطبيعى بين الشعبين الضارب فى جذور التاريخ، وكنت دائما أجيب على أسئلتهم أطمئنوا سيكون السودان بخير. يجب أن أعود هنا إلى عام 2011 عندما كنت أتلقى اتصالات هاتفية من السودانيين فى كل أنحاء العالم، الذين كانوا يعبرون آنذاك عن خوفهم وقلقهم على أرض الكنانة.
إن هذا الشعور المتبادل بالخوف والحرص على شطرى وادى النيل، إنما هو تعبير واقعى عن عمق الروابط الطبيعية بين الشعبين. وصلت مطار الخرطوم مساء الثلاثاء الماضى تسبقنى إليه أشواقى للقاء الأحبة والأصدقاء، وقبل ذلك الاطمئنان على السودان الكبير بمكانته فى قلوبنا، فهو ليس مجرد وطن للسودانيين فحسب، إنما هو ركيزة أساسية للأمن والاستقرار بل والنماء والازدهار فى المنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو الجسر الحقيقى بينهما.
فى زيارة قصيرة استغرقت بضعة أيام، التقيت فيها رموزا سياسية وشعبية تعبر عن معظم أطياف المشهد السودانى، كان القاسم المشترك بين هذه اللقاءات رسالة مفادها أن المخاطر هائلة على جميع الأصعدة، لكن السودانيين حريصون على مواجهة هذه التحديات والمخاطر والتغلب عليها. وأعتقد أن مصر الرسمية والشعبية لن تترك السودان بمفرده فى مواجهة تحديات هذه اللحظة الفارقة من تاريخه.