رحيل المناضل الجسور الأستاذ علي محمود حسنين ،القيادي التاريخي بالحزب الاتحادي الديمقراطي ورئيس الجبهة الوطنية العريضة، موجع لعشاق الحرية والعدالة والتعددية في السودان.
عرفته منذ سنوات عدة من خلال مواقفه المبدئية الثابتة،المنحازة من دون أي تردد لتطلعات الشعب السوداني ونضاله في سبيل تحقيق العيش الكريم، تحت ظلال دولة المواطنة.
علاقتي بالراحل العزيز توثقت وتعمقت بعد وصولي الى لندن، فتشكلت بيننا آصرة محبة وتقدير متبادل.
سعدت بنبض روحه وجسارة نضاله وشموخه وعلو هامته وقناعته الراسخة التي لم تتتبدل أو تهتز وهو يرفع أعلام الحرية في مواجهة جبروت الديكتاتوريين والطغاة باختلاف اسمائهم ومراحلهم.
خلال فترة إقامته بلندن بسبب ملاحقة وتهديدات نظام الرئيس المخلوع عمر البشير ، كان يعمل ليل نهار ليقول لا للظالمين وليبشر بالفجر الجديد، وكان صوتا قويا يعبر عن مواجع وأحزان المقهورين.
ما يميزه أنه كان صوتا لا يتحدث بلسان الحزب الاتحادي فحسب ،رغم انه قائد كبير من قياداته التاريخية.
كان صوته يعبر عن كل أحباب الوطن الساعين للحرية من دون خضوع أو استسلام.
لم يتوهم يوما أن الحرية يمنحها حاكم بالحوار أو بغيره ، كان يؤمن بأنها تنتزع بارادة الشعب، بتضحيات بناته وأبنائه،ولهذا أحببته وأحبه كثيرون.
علاقتي بفقيد الوطن الكبير بنتها قواسم وطنية مشتركة واحترام متبادل وصبر على المكاره و التشريد.
حرصت على وداعه في مطار هيثرو بلندن قبيل عودته الى الخرطوم، بعدما امتلأت جوانحه بسعادة فجرها سقوط الديكتاتور في ١١ أبريل ٢٠١٩ .
في المطار دار بيني وبينه حديث القلب الى القلب والعقل الى العقل.
قال (أحمد الله الذي مد في عمري لأشهد سقوط الديكتاتور).
لم ينقطع حبل التواصل بيننا واستمرت الرسائل عبر (واتساب)وقبل يومين تلقيت رسالته الأخيرة التي حملت وقائع حديثه في حوار تلفزيوني .
كانت للرجل صولات نضال وجولات كفاح بعد عودته الى الخرطوم.
فقدك -ونحن أحوج الى عطائك في هذه المرحلة -يترك فراغا كبيرا في نفوس وعقول وقلوب محبيك.
شجاعتك لن تعوض، خبرتك القانونية لن تعوض، جرأتك لن تعوض.
أدعو الله القدير أن يرحمك رحمة واسعة بقدرما أحببت وطنك وإنسانه ،وبقدر ما أفنيت سنوات عمرك وانت تعطي وتسجل عصارة فكر وخبرة ومواقف وطنية أصيلة تستحق التكريم والتسجيل بحروف من نور.
العزاء لأسرتك ورفاق دربك بالحزب الاتحادي الديمقراطي والجبهة الوطنية العريضة ولشعبنا ، وللمرابطات والمرابطين الآن أمام قيادة الجيش السوداني،وهم يهتفون-كما كنت تسعى – من أجل دولة المواطنة والعدالة والمساواة .
أحسن الله عزاء الجميع ، ورزقكم الصبر الحسن.
(انا لله وانا اليه راجعون)