• الآن، وقد إنقضى يومَا الإضراب الذيْن أعلنت عنهما قِوى الحرية والتغيير (ق.ح.ت) وتجمع المهنيين، فإنَّ هناك جهاتٍ عديدةً لابد أن تحاول إعادة قراءة، وإستيعاب الأمور بطريقة مغايرة، ولكننا يهمنا في هذا المقام سعادة الفريق حميدتي، وقِوى الحرية والتغيير..
• فالحقيقة القاسية على سعادة الفريق حميدتي (ومن ورائه المجلس العسكري) هيَ أن قِوى الحرية والتغيير، وتجمع المهنيين، وبرغم رأي سعادته (وأخيه) فيهما، إلَّا أنه قد وضح تماماً بعد يومي الإضراب، أنهما ما يزالان يمسكان بتلابيب وجدان الشارع الثائر بقوة، (ويتفجفجان) بإرتياحٍ شديد، في قلوبِ محتلِّي باحات الإعتصام بلا أدنى منازعٍ يُذكر !!
• والحقيقة القاسية الأخرى هيَ أن على سعادته أن يتفهَّم الآن، (ويُخبر جنودَه) أن الإضراب عن العمل، والعصيان المدني كليهما عملٌٌ قانونيٌ سليمٌ، ومشروع، ولا يجرِّم عليهما أحدٌ في العالم الحُر كلِّه، وأنّ السودان، الآن، يتحكَّرُ بثقةٍ تامة، ويضع رِجلاً فوق رِجل، ضِمن هذا العالم الخارجيِّ الحُر !!
صحيحٌ أنَّ سعادة الفريق، وإبّان تواجده الفاعلِ كله، كان، وبإستمرار، في كنفِ الرئيس المعزول البشير، الذي كان يرى أن الإضرابَ، والعصيان رجسٌ من عمل الشيطان، والخوَنة، والمندسين، ولكن على سعادته أن يغيِّر نظرته إلى مثل هذه الأعمال الإحتجاجية بعد الآن !!
• الشئ الآخر أن هذه الإضرابات، والإحتجاجات، والإعتصامات ربما لن تتوقف سواءٌ إتفق المجلس العسكري مع قوى الحرية والتغيير أو لم يتفقا، ولهذا، فعلى سعادة الفريق أن يعوّد سمعَه، وبصَرَه، وفؤاده عليها، منذ الآن، إذا كان قد وطَّن نفسَه على الإستمرار في السلطة كما بدا يتكشَّفُ تِباعاً !!
وآخيراً، فليس من الفِطنة في شئ أن يصادم سعادته الثورة والثوار، سواءٌ تمَّ إتفاقٌ أو لم يتِم، لأنَّهما- أي الثورة والثوار- وإذا قُدِّر لسعادة الفريق أن يستمر، فلن يكون ذلك ممكناً له بدونهما، كما أنهما سيكونان صديقيْن لدودين جداً لسعادته في كل حال، وبخاصةٍ إذا كان ما قاله أمام الشرطة منذ يومين هو فعلاً ما يريد عمله !!
• وأما قِوى الحرية والتغيير، ففي تقديري، أنها أرادت من الإضراب تحقُّق أحد أمرين أو كليهما: فهي تريد أن تمارس ضغطاً على المجلس العسكري عندما تعثرت مفاوضاتهما بشأن المجلس السيادي، مما قد يجعله يقبل برأيها في شأن تقسيم عضوية هذا المجلس السيادي..وإلا فهيَ خطوةٌ أولى في إتجاه التصعيد المُفضي إلى العصيان المدني الشامل !!
ومن ناحية أخرى فقد أرادت (ق.ح.ت) أن تتأكّد ما إذا كان الشارع الثائر ما يزال على عهده في الدينونة لها بالولاء، والمحبة والطاعة، وقد تأكّد لها ذلك وتحقق بلا أدنى ريب!!
• برأيي أن قوى الحرية والتغيير تراقبُ الآن تصرفات المجلس العسكري (عن كثب) لترى ما إذا كان قد (فِهِم حاجة) من الإضراب أم لا..وفي حال أنه لم يفهم -ونسأل الله مخلصين أن يكون قد فَهِم- فإن المُضيَّ قُدماً نحو العصيان سيكون هو أقسى خياراتها وخياراته، وأمَرَّها عليهما، وأعلاها كلفةً على الأطرافِ جميعها !!
إنَّ ما ظلَّ (يدندنُ) به المجلس العسكري من إمكانية إجراء إنتخابات في أقل من سنة في حال لم يتم التوصل لإتفاق مع قِوى الحرية والتغيير، يعتبرُ أسوأ خيارات المجلس العسكري كونه سيجعل (مدة حكمه) منتهيةً فقط بقيام الإنتخابات..
فهل هذا ما يريدُه أعضاء المجلس العسكري، والشباب منهم على وجه الخصوص؟!!