بسم الله..
إلي شباب الثورة..
إلي المجلس العسكري..
إلي الإخوة من أنصار المؤتمر الوطني..
إليكم جميعاً..عازة لا تحتمل مزيداً من الجراح..
حرائر السودان لايشبهن التشرد، والتسول في دول المهجر، ومعسكرات اللجوء..
السودان هو معشوقُ الجميع وللجميع، أرجو ألا يفقد بريقه..هو بلد الزول، قلبُ إفريقيا ومقرن النيلين..
• كان إنتماؤنا للحركه الإسلامية في الثمانينيات، وكانت هي معشوقتَنا، تغنينا بها، وكانت في إعتقادنا أنها بوابة العروج إلي جنات الخلد إلتزاماً، وطاعةً لله..
لكلِّ هذا وذاك نكتبُ اليوم في الوقت الحرج:
• إلى إخوتي في المؤتمر الوطني:
لقد حكمنا هذا البلد 30 عاماً، قدَّمنا فيها الكثير، قدَّر الناسُ ذلك أم جحدوا به، ما مهم، فالجزاءُ عند الله تعالى..
السودانُ تخلَّف كثيراً عن ركب الأمم في عهد الإنقاذ، لا أحد ينكرُ ذلك، والسبب سياساتٌ كُنا ننتهجها عالمياً، ومحلياً بقصد أو بغير قصد، لكن البلاد عانت منها، ولا زالت..عليه أرجو الآتي :
1/ نكتفي بفترتنا التي استفردنا فيها بالحكم لمدة 30 عاماً، ونترك الآخرين يقدمون تجربتهم..
2/ نصدِّقُ القومَ، ونبارك لهم ثورتَهم التي اقتلعت دولتنا عنوةً واقتداراً، ونعترفُ لهم، ولا نضعُ لهم المتاريس، والعراقيل في (مصطلح الدولة العميقة) طالما كان همُّنا واحداً، وأننا شركاءُ في المواطنة..
3/ الشارعُ السوداني بفطرته لا يقبلُ أن يُمسَّ الدينُ، والتوجهُ الإسلاميُّ للبلاد..فمقولة (الحفاظ على الشريعة) ليست حقاً للإسلاميين وحدهم، بل هي لكل السودانيين.. ونحنُ عندما كنا نحكم لم نطبق هذه الشريعة، ولم نحكم بها لمدة 30 عاماً، فلا نزايد بها اليوم بعد أن زال منا الملك..إن للدين رباً يحميه !!
4/ الشبابُ الثائرُ اليوم في الطروقات له الحقُّ في ذلك، فهو مظلومٌ بحق، وفيهم من خرج من المعتقلات، وفيهم م̷ن عُذِّب بأيدينا، ومن سُجن أحياناً ظلماً وتشفٍ، وفيهم من فقد أباه، أو أمه، أو أخاه وماله بأيدينا !!
وإنَّ فيهم من حُرم من التعبير بالرأي والحرية، وفيهم من حُرم من تطلُّعه أن يحكم، وفيهم من سُلب حكمه، وفيهم، وفيهم، وفيهم !!
دعوهم يعبروا، ويحلموا بوطنهم بشكله الذي يريدون، فنحنُ حلِمنا، ورسمنا الشكلَ الذي نريد على مدار هذه الثلاثة عقود ولم ينازعنا أحد!!
5/ لا نكابر، فنحنُ قد فشلنا في إدارة أمر البلاد، وقدَّمنا المثلَ السيئ، وألبسنا التجربة الإسلامية ثوباً لا يليقُ بها، فبات يخجلُ، ويتبرأُ منها حتي صغارنا في البيوت، لن ينسى أحدٌ منا أنه، وقبل سقوط النظام، أننا جميعنا، كان صغارُنا يهتفون في وجوهنا (أن تسقط بس) وكان لابد أن تسقط !!
6/ نقول لأهل الثورة -وإن كان قد صنعها معهم عددٌ كبيرٌ منا- لكن نقول لهم: مبروك، وإلي الأمام..نحن لسنا أكثرَ منكم وطنيةً، ولا أحق بالوطنِ منكم..
• إلي الإخوة الثوار في تجمع المهنيين، ومنظومة قوى الحرية والتغيير نقول:
1/ (حرية، سلام، عدالة)
2/ نعم، صنعتم الثورة بنضالٍ طويل، وعملٍ منظم، وصبرٍ، وجَلَد، وفي سبيل ذلك راح الشهداء مهراً، وفداء إذ لا ثورةَ بدون شهداء!!
3/ هذه الثورة باتت جزءً من تاريخ هذا الوطن، والحفاظُ عليها بالحكمة، والصبر، والتحمّل، والإنضباط واجبٌ عليكم جميعاً..التاريخُ لا يرحم..فلقد سُجلت ثورات ما قبل الإستقلال (المهدية، اللواء الأبيض، ود حبوبة، أهالي تلودي، وأبو رفَّاسة، إلخ)، وما بعد الاستقلال (أكتوبر 64، أبريل 85) كلُّها بأحرفٍ من نور.. والآن يجب أن تُخط أحرفُ هذه الثورة بسلامٍ، ووفاق لكي نكمل الحصة للعالم بأننا معلمو الثورات والنضال..
4/ إنَّ فيكم أفراداً يحتاجون لتهذيب بعض سلوكياتهم حتي لا ينعكس ذلك سلباً على الوطنيين الأخيار منكم، وتفقد الثورةُ بريقها ووضاءتها..
5/ المجلسُ العسكري ليس لكم عدواً، فلا تتخذوه عدواً، ولا تجاهروا له بالعداوة، والقولِ المُشين.. أنظروا يا أبنائي إلي وجوه القوم، كم أعياهم السهرُ، والهمُّ، وتعب المسؤلية.. فالتركةُ ثقيلة، والبحرُ عميق، لكن في إعتقادي أنهم صادقون معكم، فلا أحد منهم إلا وكرِه ضيقَ العيش، وعدم توفر النقود والوقود، وحصارَ البلاد، وعطشَ الأطرافِ والحرب !!
6/ لا تعادوا كلَّ من خالفكم الرأي، إن كان ممن صنع معكم الثورة، أو من الذين وقفوا ضدكم، فالمنتصر دائماً يتسامى، ويعلو لكي يكمل نصرَه!!
7/ هذه الفترة هي فترةَ الكفاءات، وليس المحاصصات، فتجرَّدوا، وقدِّموا القويَّ الأمين، ويا ما أقعدت هذه المحاصصاتُ البلدَ في الزمنِ السابق!!
8/ تحرَّوا الصدقَ، والدقةَ في كتاباتكم، ومخاطباتكم.. فنحنُ نريدُ أن يتعلم أبناؤنا من هذاالتغيير وهذه الثورة، ليلتزموا القدوة الحسنة، والمنهج الصحيح..
• إلي سمراء بلادي..
9/ إلي الكنداكات، إلي أخوات نسيبة ورابحة الكنانية: نحنُ نفتخرُ، ونفاخرُ بكُن، وما أجمل هذه السمراء وهي محتشمةٌ، وتساند الرجال، أرجو صادقاً أن تكون كذلك..وقد كانت أيقونة الثورة لابسةً التوب، وما أحلاها وما أبهاها..فقد أسرتِ العالم، وفرضت إحترام الزول !!
10/ أحسنوا الظنَّ في بعضكم، ولا تدَعوا الحزبية الضيقة تنسيكم الهدف الرئيس.. فالسودان مريضٌ جداً، ويحتاج العلاج، ولا يحتملُ التنازع، فاجتمعوا علي كلمةٍ سواء، وأنقذوا المريض..
• إلى الحركات المسلحة:
11/ أرجو أن نودِّع جميعاً الغابة، والسلاح وشروره..فالسودانُ اليوم مولودٌ جديد، خلُّونا نسمِّيه جميعاً باسمٍ واحد هو (وطنُنا)
12/ الحساب واجب، وردُّ المظالم أوجب، لكن بدون تشفٍ، وتصفية حسابات، وإجترار مرارات..الطريق هو القانون..
13/ إستعجلوا، وتريثوا.. فالطريق طويل، والمريض تعبان!!
• إلي المجلس العسكري الموقّر:
1/ رجالُ الجيش مرحباً بيهم، حفِظوا حقوق البلاد..
2/ شكراً ليكم، حفظتمُ البلاد، وحجبتمُ الدم، فكمِّلوا المشوار، ووحِّدوا البلد..
3/ الشباب فاقدون للثقة، وتنسَّموا شيئاً من الحرية، فتحملوهم، ولا تغلظوا عليهم..
4/ السودان تأخّر كثيراً بسبب سياساتٍ خاطئة فصار لا طعمَ، ولا رائحة له بين الأمم إلا بكلمة زول، فأعيدوا له عزته، وكرامته، وموقعه بين الأمم.. ولتعلم الأجيال أنه أرضُ اللاءات الثلاثة !
5/ أبعدوا القوات النظامية من مناصرة فئةٍ دون الأخري فتسود لغةُ الغاب !!
6/ السمةُ الغالبةُ، السائدة للحكم في العالم هي الديمقراطية، والحكم المدني فأعينوا المدنيين، ورتبوهم، ووحدوهم كما أنجزتم لهم عندما قدِموا إليكم، وسلِّموهم السلطة، واحرسوهم علي الجادة، وطريق الحق..
7/ الرجالُ الحق شيمتُهم الصدق، والوفاء، والقواتُ المسلحة هي أولى بذلك، فاصدقوا القوم، وأعيدوا إليهم الثقة، وحاسبوا المجرمين، ورُدوا حقَّ الضعفاء بالحق والقانون..
8/ أبعدوا السودان من الموازنات الخارجية، والتدخل الخارحي في شئونه..
9/ حماية أرض الحرمين هي مسؤلية كل المسلمين، فلا يقاتل جنودُنا في معتركٍ هو فرضُ كفاية، فردوهم، ونساعدُ أهل الحرمين بالدعاء، ونسعي بين الطرفين بالصلح، وهو خير..
10/ أبعدوا السلاح عن المعتصمين، ودعوهم في مكانهم معتصمين طالما التزموا السلمية.. أحموهم، واجمعوا قياداتهم، وبصِّروهم بالمخاطر إن وُجدت..
11/ الوضعُ محتقن، والثقة مفقودة، والمراراتُ كثيرة، والإشاعات منتشرة، والبلدُ يتجه إلي المخاطر، فقدِّموا التنازلات، واحفظوا اللُّحمة، والدم.. الكبير كبير، والجيشُ كبير.. فدرِّجوا الصغار، واصنعوا المستقبل..
• إلي الإمام الصادق المهدي:
أنت من بقايا الكبار، فكُن كذلك، وعلِّم الصغار، وتحرَّك على مسافةٍ واحدة من الجميع، واختم حياتك بلمِّ شملِ السودانيين ووحِّد كلمتَهم..
• إليكم جميعاً..
• الحوار، الحوار، الحوار..
هو السبيل الوحيد للحل..
• لا للتصعيد، والإعتصامات يا شباب..
• لا للتحدي، والعنتريات يا أيها المجلسُ العسكري..
• لا للتعامل بمفهوم الدولة العميقة يا ناس المؤتمر الوطني..
كفاكم 30 سنةً براكم !!
نسأل الله أن يصلح الحال..