﴿قبل أن يتنطَّع علينا متعجلٌ فيتَّهِـمُنا بمعاداة حميدتي من منظور جهوي المرجو لمن أراد أن يراجع مقالاتي الثلاث : (خلُّوا بالكم من الفريق حميدتي).. و(أكسبوا الفريق حـميدتي فهو أصدقهم)..و(أعيدوا ثقتكم في قواتكم المسلحة ولا تستفزوهم) المنشورة بالتحرير، والتغيير، وسودانايل جميعها﴾..
• كان على حميدتي، وبعد الصعود الصاروخي الذي ناله قُبيل، وإبان الثورة، أن يسلك أحدَ طريقين: إما أن يستمر في دعم الثورة، والثوار، وبدون لف ودوران، والصعود -من ثمَّ- إلى أعلى بنظر الشعب، الذي ربما سيستمر -ولو إلى حين- في التغاضي عن محارقه، وجرائمه في دار فور يوم أن كان زعيماً للجنجويد، أو أن يسمِح أن تتلبسه عقلية (الكدمول) المتفلِّتة فينهار -في وقتٍ مَّا- بذات الإندفاع الصاروخي الذي صعد به..
ولأن (عقلية الكدمول) لن تعيش، وتترعرع إلا تحت ظلال الدخان، فالواضح الآن أنه قد غلبت عليه جرثومة الجنجويد العنيدة فانحاز إلى سياسة الحرق، والقتل، داخل الخرطوم، متلفعاً بذات (كدموله) يوم أن كان في دار فور !!
• سعادة الفريق حميدتي يتصرّف الآن ليس (كجنرال حرب) وحسب، وإنما كرئيس دولة كامل الدسم، وبلا منازع، بعدما أختطف المجلس العسكري تماماً، مع وجود رئيس مجلس ضعيف وسلبي، وكأنه مسلوب الإرادة إلى أقصى الحدود !!
لقد تذكرتُ المخلوع البشير البارحة وأنا أستمع إلى الفريق حـميدتي وهو يُقسِم بالله العظيم، أمام قبائل رفاعة أنه سيفرض هيبة الدولة، وها هو قد أوفى بقَسَمه أمامهم، فعلاً، وبسرعة، بفض إعتصام القيادة العامة بالرصاص الحي عشية عيد الفطر المبارك، ولكن سعادته ربما نسِيَ (برضو) أن أكبر مظاهر ضياع هيبة الدولة هو وجوده هو شخصياً في عاصمتها، وبهذه الرتبة الرفيعة، على رأس مجلسٍ عسكريٍّ غيرِ مهيب !!
• عندما تعثرت مفاوضات المجلس العسكري مع قوى الحرية والتغيير بسبب قِسمة مقاعد مجلس السيادة وسلطاته، قبل أسبوع، ظهر حميدتي في عدة مناسبات (أهلية وقبائلية) مغتاظاً جداً ومستاءً، وقال في إحدى هذه المناسبات إنَّ قوى الحرية والتغيير تريد أن (تحاكمنا) بنفس القانون، ولهذا هي تريد الغلبة في مجلس السيادة.. وقال كذلك إننا صدَّقناهم لأنهم (غشونا) بشعاراتهم!! ثم بدا متعهِّداً ومصمماً على فض الإعتصام مهما كلَّف، وقد فعل !!
قبل مدة بدأ الفريق حميدتي في تكبير (كومَه) بزعماء القبائل، وأقطاب الصوفية، ورجالات الإدارة الأهلية، وفلول النظام المباد ظناً منه أنها ستشُد عضدَه في مناطحته لقوى الثورة الشبابية، والحرية والتغيير !!
ولعل سعادته لا يعلم أن هؤلاء لا يمكن الإعتماد عليهم، وأنهم لن يسندوا ظهره وحده، وإنما من طبعهم أن يسندوا -وبالجلالة، والتكبير، والأوداج المنفوخة- ظهرَ كلَّ حاكمٍ آخر متجبر كُتبت له الغَلَبة، أو رجحت له كفة الميزان كما رجحت الآن لحميدتي..
إضافةً إلى أن زعماء القبائل، ورجالات الصوفية، والإدارة الأهلية هؤلاء ليسوا هم القوى التي تقلب الحكومات، ولا التي تثبِّت أركانها..وإلا فلقد جيَّشت الإنقاذ منهم ما تنوء بمفاتحه العصبةُ أولو القوة، ومع هذا سقطت الإنقاذ بدَوِيٍّ عجيب، وهم (لازمون) لظهرِها ورجليها، كما يعلم سعادته جيداً!!
الحكومات في السودان من الآن وصاعداً يا سعادة الفريق تقلبها قِوى الشباب المستنيرة، لا أصحاب القفاطين والبردلوبات الذين يسبّحون بحمد كل ديكتاتور، ويغبِّشون على الناس دينهم ودنياهم بمقولات من شاكلة: (الباخُد أمَّك كلُّو أبوك) أو (إن المُلك لمن غَلَب) أو أنه (لا يجوز الخروج على الحاكم حتى يمنع الصلاة أو يُظهِر الكُفرَ البُواح) !!
• سيكون ثمن فضِّ الإعتصام مُكلفاً جداً يا سعادة الفريق لك، وللثورة، ولكن الحقيقة التي لا جدال فيها هيَ أنك أختصرت الطريقَ جداً على الثوار، وأنك بفَعلتِك هذه تكون قد ساهمتَ معهم في تصحيح مسارِ الثورة، وأنك -بكل أسف- قد تمَّ حرقُك بسرعة، مثلما صعَد نجمُك بسرعة كذلك !!