منذ سقوط البشير كان واضحا ان للزمن ثمنه المكلف جدا.. وكانت كل دقيقة تمر لها ثمنها الغالي…تحدثنا كثيرا عن سلحفائية (قوى الحرية والتغيير) في توحيد صفها والصف الوطني كله اجازة برامجها، تكوين مجلسها القيادي، الحوار مع القوي الاخرى، الاتفاق على مرشحيها، سرعة حسم تفاوضها مع المجلس العسكري على اي من الخيارات التي كانت مطروحة….الخ ولازالت هذه القضايا جميعها عالقة… وقد دفعنا ثمنا غاليا..دماء وارواح شهدائنا
اما الآن، فالعصيان وحده لا يكفي…فنحن محتلون من قبل من لايهمهم قتلنا جميعا او موتنا جوعا.. وهم تأتيهم معيناتهم من الخارج ومن مواردنا التى احتكروها خالصة لهم.. ولا يهمهم ولا يتأثرون بعصياننا بقدر رهقنا ومعاناتنا نحن ولا تهمهم البلد ذاتها كثيرا…
العصيان هو أحد اسلحتنا ولكن وحده لا يكفي ان لم نتحرك لتوحيد جميع السودانيين الذين شاركوا في الثورة وأن ننبذ هذا الاقصاء والتعالي والمناكفات والاجندات الحزبية الضيقة…والا فسيجد العسكر من ينصبونه حكومة علينا، ويوفرون له الحماية في اكبر عملية شق للصف الوطني….
عندما اقترحنا هنا القبول بالمناصفة في المجلس السيادي مشاركة، وبالرئاسة الدورية لم نكن لنساوم بارواح الشهداء الغالية او نتنازل عن مطالبنا الكاملة ولكن لاتاحة الفرصة لأصحاب الاصوات العالية هؤلاء لاكمال المشوار دون تنازل او مساومة نضالا وصراعا عنيفا مضنيا من الداخل …وكنا نعرف عنف وقساوة ذلك ويعرفون، ولكننا قلنا ان هذا دورهم وقد جاء…
قلنا ذلك فقط حتى لا نكمل المشوار الى نهايته بالمزيد من دماء وارواح هذا الشباب الفدائي الغض والذي هو بلا شك جاهز ومتحمس واهل لذلك…ولكن….
لقد كان ذاك هو حديث الامس…
أما حديث اليوم، فالشباب لازالوا يقومون بواجبهم على أكمل وجه، ولكن هل نقوم نحن بواجبنا معهم؟خروجا معهم تضحية بالدم و بالروح، مساندة لهم بسد الثقرات، سندا لهم بتوحيد الصف الوطني خلفهم، ام أننا سنكتفي بتعبئتهم وبالتعالى على غيرنا والمناكفات بيننا في انتظار حصد النتائج جاهزة؟
لقد كان تقصيرنا كبيرا، فليسامحنا الله وليسامحنا الشهداء، وليوفقنا الله في تدارك ما يمكن تداركه…التراجع اصبح مستحيلا، فالنوحد صفوفنا ولنتدارك اخطائنا وتقصيرنا، والنصر أكيد.