في لقاء قناة البي بي سي العربية ذكر الفريق صلاح عبدالخالق عضو المجلس العسكري أن النية عندهم تسليم السلطة خلال تسعة أشهر، وفي تفسيره للبقاء لهذه المدة القصيرة، ذكر معاليه ان ذلك يرجع لكون السودان ليس فيه شيء يغري بالحكم لا اقتصادياً ولا امنياً، بما يفهم من الكلام أن الفريق صلاح وبقية زملائه الكرام كان يمكن أن يطمعوا في أن يطول حكمهم لو أن الحال كان عال والدنيا أمان والخزينة ممتلئة.
بمقاييس التضحية والوطنية، مثل هذه الحيثيات تصلح للتمسك بالحكم لا التخلي عنه، فالذي برأسه نافوخ فيه رؤية وبصيرة وتجري في عروقه دماء الوطنية، كان يلزمه أن يقول أن مثل هذه الأسباب هي التي تدفعه للتضحية من أجل الوطن لتقديم كل ما عنده حتى ينتشله من حالة الفقر وتوفير الأمان لشعبه.
فالحيثيات التي تقدم بها الفريق صلاح لتفسير عزوفه ورفاقه عن الحكم هي نفس الحيثيات التي دفعت أبطال الوطن من الشباب لأن يقدموا أرواحهم ودمائهم في سبيل تحقيق الأهداف التي يفقدتها الفريق صلاح حتى تغريه بالحكم، وهي نفس الحيثيات التي جعلت أشخاص مثل الدكتور الأصم ورفاقه يتقدمون الصفوف في قيادة قوى التغيير والحرية.
حديث الفريق صلاح فيه تلخيص للحالة الذهنية التي تسيطر على فكر المجلس العسكري ومنظوره لأهداف الحكم، وقد سبقه في التعبير عن هذه الحالة، ولكن بشيئ من البلاهة اللواء عبدالرحيم حسين الذي كان قد قال عند تعيينه والياً على الخرطوم كلاماً بما يعني أن لا شيئ يغريه بحكم الولاية بعد أن باع من سبقوه كل الأراضي.
ويبقى السؤال، إذا كان المجلس العسكري بهذا الزهد في الحكم، لماذا يريد أن يحكم لمدة الحمل؟ التسعة أشهر؟
كل الإجابات متاحة إلا أن يقول المجلس أن ذلك رغبة منه في الحفاظ على الأمن، فقد رأي الشعب كيف حافظ المجلس العسكري على الأمن وأرواح من احتموا بجيش الوطن وتمسكوا بأستار بوابته خلال فترة شهري حكمه.