ارفع أيدك فوق.. التفتيش بالذوق, هكذا كان يغنى الفتية والصبايا والشباب السودانيون على مداخل ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش بالخرطوم، عند استقبالهم الداخلين إلى مقر الاعتصام، الذى لجأوا إليه فى 6 أبريل الماضى، مستنجدين من بطش الرئيس المعزول عمر البشير، فانحاز إليهم قادة الجيش والدعم السريع فى 11 أبريل ضد أوامر البشير بفض الاعتصام بالقوة، وهو ما استقبله الثوار بالفرح والامتنان
على مدى شهرين أصبحت ساحة الاعتصام قبلة لمئات الآلاف من السودانيين، وتحولت إلى رئة يتنفسون خلالها من الكبت والتهميش والظلم المقيت، وإلى مكان للإبداع والتعبير وتلاقح الأفكار، وكانت أهازيج المعتصمين وشعاراتهم: حرية سلام وعدالة.. الثورة خيار الشعب، ومع ليالى رمضان تحولت الساحة إلى منتديات للتفكر الوطنى.
وصلت إلى الخرطوم فى ظل هذه الأجواء التى هبت فيها رياح الحرية والتغيير والأمل على السودان، وبينما كانت تجرى المفاوضات بين المجلس العسكرى و قوى الحرية والتغيير، أصر الثوار على البقاء فى الميدان لحماية ثورتهم وظل الاعتصام سلميا متحضرا حتى فجر يوم 3 يونيو الحالى، الموافق 29 رمضان، حيث فاجأت قوى مدججة بالسلاح المعتصمين، وأعملت فيهم القتل والترويع وحرق الخيام، ووقع أكثر من مائة قتيل وعشرات المصابين، وفجرت الوضع برمته، وأدت إلى انسداد المسار السياسى.
والمؤكد أن قضية فض الاعتصام أصبحت عقدة أساسية، وأن إجراء تحقيق برقابة دولية بشأنها ومعاقبة الضالعين فيها هو أحد أهم مطالب قوى الحراك الشعبى، ودون ذلك سيبقى الوضع مفتوحا على كل الاحتمالات، وسيكون السودان فى مواجهة أيام عصيبة وسيناريوهات كارثية، يجب العمل من أجل تجنيبه الوصول إليها بكل الوسائل الممكنة.