(هذا وقد صرح مصدر من المجلس الانتقالي السوداني ان الرقم الذي تم تداوله عن ضحايا فض الاعتصام لم يكن دقيقا فهو لم يتجاوز عدد 13 ضحية فقط لاغير ) ..فقط ؟؟ لا غير ؟؟ كأنه كان يكتب شيكا مصرفيا ..فقط لاغير ..يشهد الله ان كلمة (فقط ) هذه قد أوجعت قلبي اكثر من اختصار عدد الضحايا الى هذا الرقم الهزيل …عندما يصبح من كانوا ملء العين والقلب ..مجرد أرقاما نتجادل حولها ..وربما تكتب على شريط الاخبار في القنوات الفضائية بعد كلمة (ما يقارب ) ..أو ربما اختصرها البعض باستخدام اشارات الحساب + او – واحد.
تذكرت عندما قرأت تصريحا نسب للبشيرعن اعداد ضحايا مجازر دارفور وقال انهم لم يكونوا 300 الف وانما لم يتجاوز عددهم العشرة الالاف فقط!!!… فقط؟ وكأن العشرة الف قليل ! ..دعني اغيب عقلي قليلا واتجاوز كل الاحصائيات التي صدرت عن شهداء القيادة ومشاهد الجثث التي تم انتشالها (هذه ايضا قيل انها جثتين فقط ) ..دعنا نصدق المصادر الرسمية ..قل لي بربك هل ال13 عدد قليل يمكن تقريبه او اختصاره ؟؟..دعك من ثلاثة عشر …هل العشرة قليل ؟ ..هل الثلاثة يمكن اختصارها ؟ هل الرقم واحد يمكن تجاوزه؟ ..هل جثتين تفرق عن اربعين او ثمانين ؟؟ خلاصة الامر يا صاحب السعادة كلها تتلخص في الغدر بمن استجار بكم وطمع في حمايتكم ..فتساوت الارقام حينها لافرق بين واحد أو ثلاثين .. ترى من اجاز لكم قتل الانفس بالجملة حتى صارت (لحما حلالا) ..يوزن بالكيلو ويحمل على المركبات ويتم حصره بالاعداد؟
فقط لا غير !! كم انسان ترى تم تجاوزه بكلمة فقط هذه؟ كم منهم كان حلم ابيه ورجاء امه ؟ كم منهم كان يهفو للغد ويرنو الى المستقبل ؟؟ كنت كلما مررت بقبر جندي مجهول …اتوقف طويلا لكي اترحم على ارواح بذلت روحها فداء لبلادها ولم يتم التعرف على اصحابها ..فكان ان نصب لهم تذكارا جماعيا ..من ينصب تذكارا لاولئك الذين تم مسحهم بكلمة (فقط) ؟..الذين فقدتهم امهاتهم ووزوجاتهم واباءهم وابناءهم واصدقاؤهم ..ولم يفقدهم من يدعون انهم ولاة امرهم.
(فقط لا غير ) ..تم تحتها ايضا تجاوز مجزرة دليج ..احتسب فيها السودان 150 روحا مسالمة او هكذا قالوا فلا نعرف بالضبط كم كان عدد الشهداء هناك !!..كان ذنبهم الوحيد انهم سودانيون ..ارادوا العيش بكرامة ..وسلام ..وحرية ..لم يحملوا سلاحا ..لم يهددوا الامن ..لم ينهبوا او يقتلوا ..ماتوا دون ان يمنحوا حق الدفاع عن نفسهم ..ماتوا ..و.لم يتم حصرهم بدقة ..حتى اسماؤهم لم يتم ذكرها ..مجرد ارقام ذكرتها وكالات الانباء وتمت اضافتها بالآلة الحاسبة لاعداد ضحايا مذبحة القيادة ..وعادي يمكن بعد ذلك اختصارها مع 13 ..او يمكن اضافتها للعشرة الف سالفة الذكر ..و بعد تقريبها الى أقرب رقم صحيح ..نلحقها بكلمة فقط لاغير .. ..فهي تحكي عن اولئك الذين سقطوا من دفاتر الاحصاء ..وغابوا عن منصات التتويج ..غابت اجسادهم وخلدت أرواحهم في ذاكرة الوطن ..انهم (فقط لاغير).
الجريدة