لا بد أن يكون الجميع قد لاحظ (الضحكة) التي صاحبت إجابة الفريق ياسر العطا على السؤال الذي طُرِح عليه بالمؤتمر الصحفي حول نية المجلس العسكري بشأن تنفيذ الحكم القضائي الذي صدر بإعادة خدمة الإنترنت الموقوف بأمرٍ من المجلس العسكري، حيث أجاب ياسر وهو يضحك : “أن ذلك سوف يتم بالقانون” ثم أردف يقول: “حتى الآن لم نتسلم صورة القرار”، بما يعني أن المجلس سوف يوضِّح موقفه من ذلك بعد تسلُّم الحكم.
هذه (ضحكة) يذهب نصف نصيبها (وهو ما قصده بها ياسر) للسخرية من رئيسه “حميدتي” الذي أصبح الشارع يتندّر منه بسبب إستخدامه لعبارة (كل شيئ بالقانون) كلما داس على القانون بنعاله. أما النصف الآخر من نصيب الضحكة، فقد كان موجهاً للحكم القضائي نفسه، فالضحكة هنا بديل لعبارة (طُظ) التي يستخدمها العوام، فالمجلس العسكري يستطيع أن يُطيح (وقد فعل ذلك بالنائب العام) برئيس القضاء نفسه ويستبدله بقاضٍ آخر من أيِّ درجة إذا تأخّر رئيس القضاء في إتخاذ ما يلزم نحو إستعجال صدور القرار الذي ينسِف هذا الحكم.
والدليل على ما ورد، تجده في باطن الإجابة، ذلك أن (علم) المجلس العسكري بالحكم ليس من شروط تنفيذه، والصحيح أن المجلس العسكري ليس معنياً بالحكم من الأساس، فالحكم الصادر تضمّن أمراً مباشراً لشركات الإتصالات بمواصلة تقديم الخدمة، والأخيرة هي التي يتوجّب عليها تنفيذ القرار دون الرجوع للمجلس العسكري صاحب الأمر بحجب الخدمة.
تبقى القول، أنه إذا كانت إجابة الفريق ياسر ترجع إلى كونه شخص يجهل بالقانون ومعنى إستقلال القضاء والأحكام التي تصدر عنه، فما الذي يجعل رجل قانون مثل النائب العام (الجديد) يُصرِّح للصحف بأن المحكمة التي أصدرت قرار إعادة خدمة الإنترنت ليست مُختصة، والمعلوم أن النائب العام تقتصر سلطاته وإختصاصاته على الولاية على الدعاوى العمومية (الجرائم)، ولا علاقة له (إلاّ بصفة المواطنة) بما يصدر من أحكام قضائية بشأن الدعاوى المدنية والتجارية، التي ينعقد الإختصاص فيها لوزارة العدل.
تُرى إلى أين تسير بلادنا مع جماعة (كل شيئ بالقانون) هؤلاء !! أيِّ قانون !!