تقرير- التحرير :
يعبر السودان يوم الاحد المقبل (30 يونيو 2019م) بمرحلة فارقة في تاريخه الحديث، بعد دعوة تحالف قوي الحرية والتغيير إلى تسيير موكب مليوني يعبر عن رغبة الشارع السوداني في حكومة مدنية.
وتأتي دعوة الحرية والتغيير بعد رفض المجلس
العسكري الموافقة على المبادرة الإفريقية الإثيوبية، وبعد أن تمايزت الصفوف وتمترس
المجلس العسكري خلف واجهات جديدة ” قديمة”، تتمثل في عدد من احزاب
الحوار الوطني المشاركة في حكومة النظام المخلوع، بجانب عدد من قيادات الإدارة
الاهلية وزعماء العشائر الجهوية.
ومن
يتابع الشأن السوداني تتجلي أمامه الأزمة السياسية التي تحاصر تحالف الحرية
والتغيير، وبات ذلك واضحاً في التباين الذي شاب العملية التفاوضية، عندما شرع
الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين السودانيين في تبني مواقف أكثر تشدداً في بدء
العمليات التفاوضية، وبات ذلك أكثر وضوحاً عندما رفض تجمع المهنيين السودانيين
المشاركة في لقاء وزراء خارجية الدول الإفريقية باديس ابابا مؤخراً.
ومع مرور الوقت يزداد المجلس العسكري يقيناً
باستفراده بالسلطة، بل يذهب نائب رئيس المجلس العسكري وقائد الدعم السريع، محمد
حمدان حميدتي إلى رفض التفاوض مع قوى الحرية والتغيير، ويذهب إلى أبعد من ذلك
برفضه نسبة الـــ 67% من المجلس التشريعي لقوى التغيير، رغم الاتفاق المعلن حولها
من قبل.
ورغم الضغوط الدولية والإقليمية، يتماهى المجلس
العسكري مع تحالفات ترى في تحالف القوي والتغيير عدواً يهدد مستقبلها السياسي،
وخاصة أن معظمها كان مشاركاً ومدافعاً حتى الساعات الأخيرة من حكم النظام المخلوع.
وفي
ظل هذا التدافع نحو صباح 30 يونيو يخرج الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي،
بعدة اطروحات يري من خلالها إمكانيات الخروج الآمن من النفق المظلم، عندما نادي
بضم كل المبادرات وتوحيدها، والعمل على تشجيعها، مما يراه بعض المراقبين دعوة
صريحة من زعيم الأمة القومي بعدم الخروج في 30 يونيو، وفي الوقت ذاته طالب المهدي
بضرورة سد الفراغ التنفيذي الذي أصاب البلاد بالشلل.
قبل
بزوغ شمس 30 يونيو يشفق البعض على مالآت ما يمكن أن يصل إليه السودان، وخاصة أن
المجلس العسكري ينظر إلى مدى قدرة الحرية والتغيير من تحشيد الشارع ليقرر بعدها
موقفه من التفاوض، وفي الوقت الذي ينظر فيه أنصار الثورة إلى تداعيات فشل الحراك
الشعبي وتأثيراته المعنوية على الشارع السوداني، وخاصة ان الثورة السودانية تجاوزت
5 أشهر من الحراك المستمر، ودفع السودان أكثر من 250 شهيداً ومئات الجرحى
والمفقودين.
وتظل
المبادرات تحدق في نتائج ما بعد 30 يونيو، وخاصة أن المبادرة الإثيوبية نفسها
تعاني بعد الأحداث الاخيرة التي شهدتها أثيوبيا في الأيام الماضية، وهذا ما يجعل
معالجة الشأن الداخلي أولوية قصوى قبل حل إشكالات دول الجوار، وتظل الضغوط الدولية
الداعية إلى منع استخدام العنف ضد المحتجين أحد أشكال التعاطف الدولي تجاه الثورة
السودانية بعد الاحداث الدامية في الثالث من يونيو الماضي التي صاحبت فض اعتصام
القيادة العامة.