الحمد لله الذي جعل الثلاثين من يونيو من أزهي أيام السودان..! بعد أن كان من أشأم الأيام التي مرت على الوطن والشعب فقد كان بداية مسيرة الخراب والقحط والقتل والسحل والحرق والإبادة والنزوح والقهر والغدر واليتم والعقم وتشتيت الشمل وانشطار الوطن وحضانة الشقاق والنفاق وبداية النهب والسلب والانحدار وتفريخ الفساد ..فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات..!!
كيف بالله استطاع هذا الشعب الباسل أن يمر (بالاستيكة) ليحو ذكرى أسوا يوم في التاريخ ويستبدلها بالذي هو خير..فقد كان الناس يعطون هذا اليوم ظهورهم ويشيعونه باللعنات.. حيث فاقت ذكرى انقلابه اللعين في القبح والشؤم (سجم الدواك الأسود) ولكنه بعد اكتحال الشوارع بالجموع الوفيّة لوطنها ولمنسقي ثورتها ولتمسكها بإعلان الحرية والتغيير أصبح يوماً لأهازيج الفرح وللانتصار الشعبي الباسل.. رغم الدماء الزكية التي خضبت جوانب هذا الانتصار المهيب للإرادة الشعبية …وما أغلاها من دماء..!
لقد كان يوم الثلاثين من يونيو الذي قبرته الجموع في هذا العام المبارك ومحت ذكراه القديمة؛ ذكرى الإنقاذ المجللة بالعار من بدايتها إلى نهايتها.. فقد كان انقلاباً قبيحاً بتدبير خبيث من رجل خبيث نقل تخريبه الداخلي إلى فضاء السودان مع سبق الإصرار والترصّد لإشباع نوازع خبيثة في طويته، فكان الانقلاب المشؤوم كارثة على السودان من صناعة (رجل كارثة) وجاء بنظام كارثة وجعل على رأسه كارثة مكتملة وحوله (عصبة كارثة) واجتمع من حولهم من هم على شاكلتهم من الكوارث.. ومن كانوا أقرب إلى طبيعتهم في شهوة التدمير والنشل والسرقة والاستباحة وعدم الحياء.. ومعهم ثلة لها قابلية عالية للفساد والإفساد وبيع الضمير.. ثم لا ترى عيناك إلا الظلام والإظلام، واللعب بأقدار البلاد، وتشليع الريف، وزعزعة الاستقرار، وتدمير القرى، وتعرية الموارد، وتحطيم المؤسسات، ونقل الملكيات العامة للجيوب، والتباري في السرقة والحيازة وأمور الحرمنجية، واشاعة الجريمة والمخدرات، ونشر فيروس القبلية والعنصرية، وهتك النسيج الاجتماعي والأخلاقي.. بعد أن أصبحت للكذب سوقاً رائجة يتنافس فيها المتنافسون من أكبر كبارهم الذين علموهم السحر إلى أصغر صغارهم من (العصبجية) والنشالين…. وما نراه الآن من (أوكازيون النصب والنفاق) ما هو إلا من (الإرث الإنقاذي) الذي يتمثّل الآن في إعلاميين وصحفيين مرتزقة، ومن أدعياء إدارة أهلية لا يمسحون وجوههم من الخجل والعار الذي يعودون به إلى بيوتهم ويشاهدونه في عيون أبنائهم وبناتهم من الخيبة (وقلة القيمة).. ولواءات وعقداء معاشيين أو في الخدمة التعيسة يجاهرون بالكذب ويقفون ضد كل ما هو خير في هذه الدنيا وكأنهم من نسل غير نسل البشر.. ليس لهم انتماء للوطن ولا الفضيلة..ولا يعرفون معاني احترام النفس أو احترام عقول الآخرين.. وسياسيين نصابين وممتهني متاجرة بالدين لا يستحون من تأييد القهر والشمولية ضد الحرية والعدالة ..يمتدحون المليشيات ويباركون قتل الأبرياء جهرة ويحرضون على الدماء في الشاشات …!
ولكن بفضل الله وإيمان هذا الشعب والشجاعة الفائقة لشباب هذا الوطن واستعدادهم للتضحية وملاقاة الموت بأيدي عارية وبهتاف يمجّد الوطن والحرية والعدالة والسلام عاد بهاء الوطن وباءت الإنقاذ ومليشيات الخراب بالخذلان…. فالحمد لله.. الحمد لله مثني وثلاث ورباع وبعدد ما وسعه علم الله.. والأمل أن تكون الرسالة قد وصلت لجماعة المجلس وتوابعهم، وللمعلقين المنافقين الذي لا يختشون من مجاراة الريح.. يديرون ظهرهم للشعب ويطالبون بضرب أبنائه وبناته بغير رحمة وما أن يروا بأس الشعب وشكيمة الشباب حتى يعودوا ليغيّروا لهجتهم ويتحدثوا بنفاق لا يستحي عن ضرورة التهدئة والوحدة الوطنية والحوار..! والأمل أيضاً أن تكون الرسالة قد وصلت لدول الجوار والإقليم وللعالم الخارجي..ولبقايا الإنقاذ التي يتآمرون من داخل السجون وخارجها، وللتابعين من (مُدّاح وطنابرة القهر) وإذناب المليشيات.. وللذين حاولوا تزييف أرادة النقابات والهيئات.. وللنساء (منزوعات القلب) اللواتي سايرن قهر الإنقاذ وهللن لقتل الصبايا والشباب.. ولقادة الأحزاب الرديفة التي سارت في ركب المؤتمر الوطني الكريه وحاولت دق الأسافين بين الوطن وحريته وانعتاقه..ومنها جماعة المفاصلة التي ظلت ذاهلة في أيام الثورة المجيدة ومخاضها العنيف تقدم رجلاً وتؤخر أخرى وهي حائرة بين الموالاة والنفاق.. تحاول أن تستكشف إلى أين يشير اتجاه الريح حتى تبدأ دورة حياة خبيثة جديدة مثل مكابدة اليرقات والحشرات الدنيا بين القواقع والطحالب..!!
هذا شعب عظيم جعل من ذكري يونيو (النتنة) مهرجاناً زاهياً يرفع الناس فيه رؤسهم في العلالي (كل ثلاثين يونيو قادمة) بعد أن مسحت الثورة الباسلة يونيو الأسود واستبدلته بيونيو مثل نفحة الأزهار وفي بياض بتلات الفل والياسمين..!