بعد الثورة: هل تصبح الهجرة إلى الوطن خياراً يستوعب آمالهم؟
تقرير- التحرير:
لم
يكن يخطر ببال حليمة.ب.م أن تصبح بائعة للكسرة في شوارع ضاحية فيصل في القاهرة،
بعد أن كانت تحلم بغد مشرق لأطفالها، بعد أن يحالفها الحظ بالهجرة إلى أوربا، وقد
قدمت إلى القاهرة من قريتها في دارفور من أجل هذا الحلم.
وصلت
حليمة إلى الخرطوم، وباعت آخر ما تملك من متاع الدنيا، وحزمت أمتعتها، واستقلت
القطار صوب مدينة حلفا، ومنها عبر الباخرة إلي أسوان؛ لتبدأ رحلة جديدة من
المعاناة.
حليمة: يبدو أن إقامتي بـ “فيصل” ستطول
تقول حليمة لــــ”التحرير” إن ما
وجدته في المفوضية السامية للاجئين لا يجعلها تتوقع أن تكون يوماً خارج منطقة فيصل
بالقاهرة، وأن هناك آلافاً مثلها يعانون الانتظار الذي تجاوز 5 أعوام، وبعضهم تجاوز
عشرة أعوام، ولا يعرفون شيئاً عن مصيرهم ومصير ملفاتهم.
تواجه حليمة مشكلة الحصول على التعليم المناسب لأطفالها
الذين يذهبون إلى أحد المركز التعليمية التي تدرس المنهج السوداني، وتكابد في
الحصول على قيمة الرسوم الدراسية رغم المساعدات التي تتلقاها من إحدى المنظمات.
معاناة
الإعاشة والخوف من “النيقرز”
أما
أحمد.ب القادم من شرق السودان، فقد التحق بإحدى الوظائف العمالية بمدينة السادس من
أكتوبر، حيث تقيم أسرته التي تتكون من زوجته وثلاثة أطفال.
يقول
أحمد: “أقمت في مصر 6 سنوات، رزقني الله خلالها طفلين، ومازلت أنتظر إعادة
التوطين لدولة ثالثة”.
وأشار
إلى سوء المعاملة التي يجدها من المفوضية، بجانب الإجراءات البيروقراطية التي
تستغرق شهوراً لتجديد إقامته، وذكر أنه يعمل أكثر من 8 ساعات في أحد المصانع حتى
يتمكن من سداد إيجار شقته في مساكن عثمان، ويضيف أن أوضاع كثير من الأسر في منطقته
تنذر بخطر كبير، خاصة بعد انتشار عصابات “النيقرز” من الشباب الذين
تمردوا على التعليم والمجتمع.
30
ألف حالة
تشير
تقارير المفوضية السامية للاجئين بالقاهرة إلى أن تعداد السودانيين المسجلين لديها
تجاوز 30 ألف حالة، ويعدّ الأعلى بعد اللاجئين السوريين، وتقوم المفوضية بمساعدات
منظمات أخرى بتقديم مساعدات قانونية وتعليمية وصحية، في الوقت الذي تعاني نقصاً
حاداً في التمويل.
وتبرز منظمة “كاريتاس” الامريكية بوصفها
شريكاً أساسياً للمفوضية وهي تقدم إعانات مادية وصحية، إلا أن الأعداد المتعاظمة
للاجئين تجعل الفرص محدودة وقصيرة الأجل.
وتبدأ
إجراءات المفوضية بالتسجيل ومنح استمارة وتحديد وقت للمقابلة، وفي المقابلة تبدأ
عملية التحقق من الحالة، واستعراض المستندات المؤيدة والأوراق الثبوتية.
ويمنح المتقدم بطاقة صفراء يطلق عليها ملتمس لجوء،
ويظل ملتمس اللجوء في هذا الوضع، ويمكنه أن يمنح الإقامة والحق في العمل حسب
القانون المصري، وبعدها تأتي مقابلة أخرى” تحديد وضع”، وهذه المقابلة
تصبح أكثر دقة، ويمنح بعدها المتقدم بطاقة لاجئ، وهي بطاقة زرقاء اللون، وبعدها
يخضع لمقابلة إعادة التوطين، وتقديم ملفه لإحدى الدول التي تقدم فرص إعادة التوطين
في أراضيها، وبعدها يأتي دور منظمة الهجرة الدولية، بتقديم خدمات تسهيل السفر وحجز
تذاكر الطيران.
آلاف
السودانيين يعانون كثيراً في شوارع القاهرة، وأزقتها، وحاراتها، وبخاصة الذين
تقطعت بهم السبل.
تجد
مشاهد البؤس ماثلة في المناطق الشعبية، كل يحمل قصته ورحلة المتاعب التي جعلته
يختار الهجرة من البقاء في وطن يغتال احلامه، وتشير بعد التقارير غير الرسمية ان
أعداد السودانيين في مصر تجاوز الخمسة ملايين، وهم يتوزعون في المدن المصرية
المختلفة.
والسؤال:
هل يصبح خيار هؤلاء الباحثين عن حياة جديدة بعيدة من أرض الوطن، العودة إلى
أحضانها بأمل في مستقبل أفضل يستوعب فيه السودان كل أبناءه، وقد أصبح على قدرة
طموحاتهم في حياة مستقرة كريمة؟