المتابع للمشهد السوداني
أصبح يصاب بالملل والقلق، وكاد أن يصل إلى حد اليأس وهو يرى أن المفاوضات تتعثر كل
يوم، وتغرق كل يوم في المزيد من التفاصيل، ويتابع بأسي بالغ حالات الانتهاكات الكبيرة
والمستمرة للقانون بواسطة قوات الأمن والدعم السريع في ظل غياب وتغييب مقصود للشرطة
والجيش.
الذي توصلت إليه ومقتنع به
تماماً من خلال متابعاتي أداء وتصريحات ومخاطبات أعضاء المجلس العسكري، ابتداءً من البرهان والكباشى وياسر العطا، فقد
توصلت الي أنهم جميعهم لا يتمتعون بالذكاء والقدرة الذكائية اللازمة للقيام بكل هذا
العناد واللولوة التي تزداد كل يوم، والتي تستهدف التسويف والمماطلة، لأطول مدة ممكنة.
لعل الايام تأتي بأحداث جديدة تغير اسس المعادلة
المائلة في صالح قوي الحرية والتغيير. أما السيد حميدتي فأنا على قناعة أنه يحلق في
فضاء بعيد جداً، ولعله يصاب بالدوار الهائل كلما سمع كلمة دستور ووثيقة دستورية ومستويات
السلطة وغيرها من الكلمات والمصطلحات الجديدة على اذنيه وعقله الصغير.
إن كثيراً من القرائن تشير الي
أن الكيزان بكل قياداتهم المعلومة حاضرون وبكثافة وراء هذا المشهد الذي يراد له ان
يرتبك ويتشابك، حتى تنال القوة العسكرية المبرر اللازم لحسم كل المشهد لصالحها ومن
خلفها دولة الكيزان القائمة إلى الآن، والتي لم يطلها أي تغيير في مستوياتها كافة.
ومن أهم تلك البينات التي تؤكد أن قادة الكيزان يباشرون إدارة المشهد من خلف الابواب،
هو عدم تعرضهم لأي محاكمات أو حتى تحقيقات الي الان، كما أن ممتلكاتهم مازالت تواصل
عملها وتتحكم في الدولة كما كانت في السابق.
ولعل قادة الكيزان الذين
يخططون للمجلس العسكري ويسيرونه من حيث يدري، انما يستهدفون إرهاق الشارع وقوى الحرية
والتغيير معاً من خلال هذه المماحكات، ريثما يصاب الشارع بالملل والإحباط، وتصاب قحت
بالخلافات والانشقاقات، فيستوعبون بعضها في إطار حكومة يكون للشق العسكري فيها اليد
الطولى، في خطة كسبية، تتواصل فيها مصالح الكيزان القائمة ويفلت فيها أعضاء المجلس
العسكري من الحساب على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الثائر في أكثر من موقع ومناسبة.
وأرى أن الموقف الأسلم والمطلوب
في ظل هذا المشهد
المأزوم والمتشابك وفي ظل
مماحكات للمجلس العسكري، هو ان على (قحت) أن يعلن فشل المفاوضات
مع العساكر، وأن يحملهم
المسؤولية الكاملة عن هذا الفشل، ويعلن التوقف الكامل والنهائي عن مواصلة المفاوضات.
ويعلن رد الأمانة إلى الشارع ليتحمل مسؤوليه في مواصلة معارك النضال السلمي إلى أن
يسقط المجلس العسكري بلا أدنى مساومة ومعه كل الكيزان وارثهم الثقيل.
ويعلن (قحت) بشكل مباشر استهدافه
إسقاط المجلس العسكري وأي حكومة يقوم بإنشائها، من أجل إقامة حكومة مدنية كاملة على
كافة مستويات الحكم وبلا أي تمثيل عسكري، مع الاعتماد الكامل على الشارع في تحقيق هذا
الهدف.
أعتقد أن هذا الخيار وحده
هو الكفيل بتضييق الخناق على المجلس العسكري وعلى الإخوان المسلمين ويحشرهم في أضيق
زاوية، ويلهب الشارع من حولهم، وهو أفضل الخيارات التي ستكسب (قحت) التفاف الشارع حوله
بشكل أكثر قوة، وسيؤدي إلى وقوف كل المنظمات الدولية مع (قحت)، ووقوف كل الشعب السوداني
معه في مواجهة المجلس العسكري، وبالتالي الي سقوطه في أسرع وقت.