المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية أرسلتا سفينة من سماد )اليوريا( تحمل 50 ألف طن لإنقاذ الموسم الزراعي في السودان.. وهذه الشحنة هي الأولى من 300 ألف طن تعهَّدت بها الدولتان للسودان.. حتى هنا ليس هناك ما يدهش!! فالدولتان ظلتا تقدمان للسودان المساعدة منذ حوالي خمسين عاما على مَرِّ مختلف العهود السياسية..
يبقى السؤال المرُّ الأليم.. أين ستذهب الشحنة وما يليها؟؟
طبعا ستذهب إلى المزارع السوداني الذي ينتظرها بأحر من الجمر لمعاونته في زيادة الإنتاج وتحسين فرص الاستثمار في الزراعة.. لكن كيف ستصل إلى المزارع؟ أي شارع ستسلك؟ وأي الهضاب ستصعد؟
قيمة شحنات السماد حوالي مائة مليون دولار، في حالة بيعها للمزارعين بسعر البنك الزراعي (1650 جنيها للجوال زنة 50 كيلو).. وطبعا لا أتوقع أن تُباع للمزارع بأقل من سعر البنك لأن ذلك يعني بالضرورة تشجيعه ليترك الزراعة ويستثمر في بيع السماد في السوق السوداء بدلا من استخدامه.
الدكتور الأمين عبد اللطيف رئيس مجلس إدارة مجموعة (سي تي سي) قدَّم مقترحا سديدا، وهو أن تودع الحكومة قيمة بيع هذا السماد في حساب خاص لصالح تطوير ودعم زراعة الفول السوداني.. لأن هذا المحصول فيه عائد دولاري ضخم وللسودان ميزة تفضيلية جاذبة للأسواق العالمية، وبسهولة يمكن تحقيق عائد يزيد على المليار دولار إذا استُخدِمت التقانة الحديثة في عمليات الزراعة.. ويزيد من أهمية هذا المحصول أن مناطق زراعته أغلبها في إقليمي دارفور وكردفان وهي مناطق في حاجة ماسة لزيادة العائد من الزراعة فيها.
من الحكمة أخذ هذا الاقتراح بجدية واستثمار كل مساعدات الأشقاء في مزيد من تطوير الزراعة في بلادنا.. فهي -بشقيها النباتي والحيواني- حرفة الغالبية العظمى من شعبنا، ونحتاج إلى رفع قدراتنا الإنتاجية حتى ننافس المنتجين الآخرين ونتميز عليهم بجودة صادراتنا النباتية والحيوانية..
وطالما الحديث عن الزراعة، فقد آن الأوان لمراجعة واحد من أكبر معطلات النشاط الزراعي في بلادنا.. البنك الزراعي.. رغم أن الفكرة والرؤية والهدف الذي من أجله تأسس هذا البنك قبل أكثر من خمسين عاما، رائعة ومفيدة للغاية إلا أن الفكرة والهدف في وادٍ، وفي وادٍ آخر ما يحدث فعلا.. الطريقة التي يعمل بها البنك تدمِّر القطاع الزراعي وتحرمه من فرص كبيرة..
من الحكمة أن يراجَع وضع البنك الزراعي بأعجل ما تيسَّر..
التيار