لماذا لم يسم العضو رقم
11 في مجلس السيادة؟
لماذا لم تحدد الجهة التي
تختار حكام الأقاليم والقضاة
والمحكمة الدستورية؟
لماذا لم تحسم النسب في المجلس التشريعي منذ الآن؟
لماذا تحولت لجنة التحقيق
من دولية خالصة، أو دولية وطنية مستقلة، إلى لجنة وطنية مستقلة فقط؟
لماذا لم يتم استيعاب نتائج الحوار مع الحركات المسلحة الذي يجري
في أديس أبابا؟ ولما لم يتم مناشدة الحركات المسلحة الأخرى، بشكل مباشر في الإعلان السياسي،
للحاق بالاتفاق؟
ولماذا لم تحدد
لها نسب محددة في كافة مستويات الحكم؟ ولماذا لم يناشد هؤلاء المناديب من
الدول الصديقة والمنظمات الدولية والافريقية ليواصلوا جهدهم مع الحركات المسلحة لاستكمال
السلام الشامل؟
في
اعتقادي أن هذا الإعلان السياسي لا يستحق كل هذا الرضا والاحتفاء الذي ناله، والذي لا يحتاج الوصول إليه أكثر
من أربع ساعات، فضلاً عن
24 ساعة، في إطار المعلوم من الجهود المتواصلة التي بذلت منذ انطلاق الحوارات بعد
(سقوط عمر البشير؟؟) والتي انحصرت كلها أو جلها حول مستويات الحكم ونسب التمثيل لكل
طرف في تلك المستويات.
الذي أراه ان هذا الاتفاق،
بشكله ولغته
اليائسة، لا يرقي إلى روح العشم التي انتظمت جماهير الشعب السوداني منذ انطلاق الحراك،
ولعل المفاوضين من الوسطاء وممثلي
قوي إعلان الحرية والتغيير، قد حاولوا سد المسافة بين المكتوب والمنتظر من قبل الشعب،
من خلال الكلمات المرتجلة الجميلة، التي قدموها وما حملوها من مشاعر وآمال كانت أعظم
أثراً من تفاصيل الاتفاق
نفسه، لكنها تبقى مجرد عشم وسراباً يحسبه الظمآن
ماءً.
هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون
مجرد ورقة بائسة، لم تجب عن أهم الأسئلة ولم تفك عقد الخلافات المعلومة حول أسس الحكم المستقر في الفترة الانتقالية،
كما أنه لم
يحسم
بشكل واضح وقاطع حدود الصلاحيات بين العساكر والسياسيين في إطار الحكومة،
وامتلأ
بحشو لغوي ما كان له لزوم.
إن هذا الإعلان السياسي قد
رحّل كثيراً من نقاط الخلاف المعلومة والواضحة، التي لم يجب عنها هذا
الاتفاق السياسي،
وأرجأها
للمعالجات بالوثيقة الدستورية
التي ليس ضمن مهامها معالجة القضايا السياسية، وانما توفيق ما يتفق سياسياً بشكل قانوني ليمثل المرجعية لحسم أي خلاف يمكن أن ينشأ في أثناء الحكم الانتقالي.
وعليه، فإن هذا الاتفاق يعدّ
اتفاقاً قاصراً ومعيباً ويحتاج إلى المراجعة اللازمة قبل ان يتم التوقيع عليه بالشكل النهائي. كما أنه يسير في اتجاه إخراج قوى إعلان الحرية
والتغيير من أي دور سياسي لها خلال الفترة الانتقالية، خاصة أن الاتفاق تجاوز
تحديد نسب الأطراف المتفق على مشاركتها في المجلس التشريعي الانتقالي، وخول كل سلطات
التشريع لمجلس السيادة والوزراء معاً في غياب المجلس التشريعي، الشيء الذي سيغري
العسكر على عدم الاتفاق على قيام المجلس التشريعي مستقبلاً بعد هذا التوقيع
القاصر.
وما
يعيب الاتفاق أيضاً عدم النص الواضح على حق قحت في تغيير رئيس وأعضاء مجلس الوزراء
في حال فشل أي منهم أو وجود ملاحظات عليه.
لقد
ساءني جداً الاستعجال في إعلان الاتفاق وعدم الانتظار قليلاً لاستيعاب
الجهد الجبار الذي بذل لأسبوع مع الحركات المسلحة في أديس أبابا ووصل إلى اتفاقات مهمة جداً، كانت كفيلة بضمهم لحكومة الانتقال مما يساعد على تحقيق
الاستقرار في أثناء الفترة الانتقالية.. العسكر ومن خلفهم
الكيزان راهنوا على انقسام قوى الثورة، ونالوا ما أرادوا للأسف الشديد ايضاً.
واضح
أن هناك استعجالاً في الخروج باتفاق مهما كان شكله. وما حدث يؤكد الرأي أن العساكر ومن خلفهم الكيزان ظلوا يراهنون على إرهاق قوى الثورة
قيادة وشارعاً،
لامتصاص حماس الشارع ونزع أظفاره مع بالتدريج في ظل احتفاظهم هم بكل عوامل قوتهم، ريثما يعودوا مجدداً، وينقلبوا على المشهد.
الاتفاق عكس ميزان القوة، ورفع الضغوط الداخلية والدولية التي كانت تحاصر العسكر وتهدد وجودهم،
ومنحهم شرعية كانوا يفتقدونها، وجعل كل أهداف الثورة وكل قواها الحية
تحت رحمة العسكر.
هذا الوضع المختل سيعقد نقل المشهد الوطني من حاله
المأسوي المأزوم الذي كان
عليه منذ انطلاق الثورة، إلى حيث الأمل الذي كان
ينتظره الشارع،
وجعل
كل فرص النجاح في أي مسار وطني مرهونة بإرادة العسكر ومن يدعمونهم من خلف الأبواب.