نعم بالفعل كانت هناك محاولة انقلابية من ضباط كبار في الجيش وجهاز الأمن، من ذوي الولاء لعمر ، أي أنهم كانوا جزءا من عصابة الكيزان، وتولى التنسيق في الشق المدني اللص المعروف علي كرتي رئيس هيئة اركان الدفاع الشعبي، وكمال عبد اللطيف الوزير المزمن في حكومات البشير ومسؤول الامن الشعبي (كتائب الظل) والزبير أحمد الحسن، رئيس الحركة الإسلامية مدبرة انقلاب 30 يونيو 1989المشؤوم
في البيان الذي سجله قائد المحاولة الانقلابية هاشم عبد المطلب كان أهم بند هو ان حكومته ستمثل “الجميع” وتحدث بوضوح عن انه لن يكون هناك إقصاء، وهذه هي الكلمة التي ظل الإسلاميون يلوكونها عند التباكي على ملكهم الزائل، وعلى أمل ان يكون لهم موطئ قدم في الحكومة الانتقالية، أي ان قائد المحاولة الانقلابية كان صريحا في أمر ان حزب البشير سيشارك في حكومته في حال قيامها
وبالتأكيد وحتى لو نجح الانقلابيون في الإطاحة بالمجلس العسكري الانتقالي الحالي، فإن قوى الثورة كانت ستطيح بهم خلال ساعات، ولكن ربما كان ثمن ذلك فادحا لأن الاسلامويون دمويون، ولن يغفروا للثوار الزج بكبيرهم البشير في السجن.
وعسى ان يستوعب المجلس العسكري الدرس ويدرك ان رهانه على فلول عصر البشير خطأ جسيم، وقد ظل المجلس يجاهد لخلق تيار مناوئ لقوى الثورة بالابقاء على منظمات ونقابات ورجالات عهد البشير وعدم المساس بالموارد الضخمة التي تحت تصرفهم، والمحاولة الانقلابية رسالة لمن لديه ذرة من عقل بأن الكيزان مستعدون لعض اليد التي تطعمهم، لأنهم يريدون الاستفراد بالطعام كله، وقد نعموا به ثلاثين عاما حسوما ولن يرضوا بأن يعيشوا على صدقات المجلس العسكري.
إذا استوعب المجلس العسكري الدرس فإنه سيقوم بتطهير القوات النظامية والخدمة المدنية من أذناب البشير، وسيحل النقابات والتنظيمات الطلابية والمهنية والفئوية الموروثة من عهد البشير بدلا من تدليلها، ويضع يده على بنوك الكيزان التي تستطيع تمويل أي عملية لإعادة بني كوز للسلطة، وقبل كل هذا تحل الدفاع الشعبي وهو مليشيا البشير بدلا من ضمها للقوات المسلحة كما فعل قبل أسابيع قليلة.
على الجانب المدني فإن الشارع الثوري قادر على اسقاط أي محاولة من جانب الاسلامويين للعودة الى السلطة بالقوة العسكرية، وعلى مجلس العسكر ان يدرك ان الرهان الصحيح لاستمراره في المسرح السياسي، ينبغي ان يكون على قوى الثورة والتغيير، فيكُف عن المماحكات والمناورات ويمد اليد لقوى الحرية والتغيير لصياغة العهد الديمقراطي الجديد.
فهل يستوعب مجلس العسكر الدرس، وينحاز فعلا لا قولا لثورة ديسمبر ويعمل على تحقيق أهدافها بالتعاون مع القوى التي فجرتها؟