هذه كتابة تنطلق من موقع الشك لا اليقين، من حقل التساؤلات، لكنها ترنو لأفق الإجابات.
هذه كتابة للتحاور والنقاش مع مجموعة من المثقفين الثوريين/ المثقفات الثوريات، من الذين ظلوا يكتبون عن وحول الثورة السودانية، منذ أن كانت حلما، ولا يزالون يفعلون ذلك، لن أسميهم هنا، فهم يعرفون أنفسهم.
قدم هؤلاء كتابات وقراءات مفيدة حول مسار الثورة السودانية، ورفدوا الكتابة النظرية بتجارب اقليمية وعالمية تساعد علی تصحيح مسار الثورة والمحافظة علی الزخم الثوري.
لاحظت أن معظمهم، وبعد توقيع الاتفاق السياسي/ الوثيقة الدستورية، أخذ موقفا ناقدا لقوی الحرية والتغيير وممثليها، ولعلهم لم يجافوا الوجدان السوداني في هذا، لكن تطورت كتابات بعضهم لتصل مرحلة أخشی أنها قد تقود للتيئيس، زرع الإحباط، التخوين.
دعنا نقول أنهم محقون في نقدهم للاتفاق والوثيقة، ولسلوك قيادات الحرية والتغيير، لكن أمامنا الآن واقع محدد: تم توقيع الاتفاق والوثيقة، وستتشكل حكومة انتقالية لتنهض بمهام الانتقال، وستواجه الجانب العسكري داخل مجلس السيادة والمؤسسة العسكرية، فماذا يجب أن يكون موقفنا/ موقفهم من هذا الواقع…؟
ممكن أن تستمر عملية النقد، وقد تصاحبها حملة أضعاف/ السخرية من قيادات الحرية والتغيير، وتخوينها، ومتابعة عملها بتربص مفضوح أحيانا، وبالاستناد إلی أوجه الضعف البائنة عند قيادات الحرية والتغيير أحيانا أخری، فما هو الناتج المتوقع…؟
هل سيؤدي هذا الأمر لتحريك الشارع ليأخذ زمام الأمر ويطرح قيادة بديلة تعيد تصحيح المسار…؟
هل هناك احتمال أن تكون النتيجة هي إضعاف ثقة الشارع في قيادات الحرية والتغيير، وتجيير هذا لصالح المعسكر الآخر من عسكر وثورة مضادة، وبالتالي إجهاض المسار الثوري كله…؟
كيف يقرأ المثقف الثوري ما يحدث من البداية، هل لديه كتالوج/موديل ثوري يقوم بقياس ثورتنا المكلكعة المرتبكة المسار، عليه، ويقرر أنها غير مطابقة للمسار، فيبرئ نفسه من لخبطتها ويحافظ علی نقائه الثوري، وقد يجد الفرصة ليقول ” موش قلت ليكم ورفضتوا تسمعوا الكلام “، أم يفترض أن يلبس الآبرول الثوري ويخوض مع هذه الثورة المكلكعة في الطين والوحل، وسيصيبه من ذلك رشاش، محاولا تعديل المسار ، وهو يفعل ذلك دون ضمانات. لأن البديل الوحيد المتاح هو سقوطها في يد المعسكر الآخر.
أتاحت لي الظروف جولات مع لجان المقاومة في أحياء الخرطوم وبعض الأقاليم، شباب حي وممتلئ بنبض الثورة، معظمهم غير راض عن الاتفاق، لكنهم يجمعون علی أنهم ينتظرون الحكومة الانتقالية للعمل معها لسد النقائص والثغرات، ويبدون تصميمهم علی حراسة الثورة، ويظنون أن أبواب الأمل مفتوحة، فهل هم مخطئون…؟
هل هذا هو الطريق السليم، أم أن عليهم العمل علی اسقاط الاتفاق وما تنتج عنه من حكومة وأجهزة لأنها لن تستطيع أن تفعل شيئا في الواقع…؟
باختصار شديد؛ ما العمل، وما هو واجب المرحلة؟
من صفحته في الفيسبوك