الخرطوم- التحرير:
غيب الموت اليوم في مستشفى أمدرمان الشاعر المبدع حسين بازرعة، الذي يعتبر في صدارة قائمة المبدعين الذين وضعوا بصمات متميزة وجميلة على خريطة الابداع والفن في السودان، بكلماته الرائعة التي تغنى بها مطربون سودانيون، وخصوصاً الفنان الكبيرعثمان حسين، وبينها “شجن” و”كل لحظة تمر” و”قصتنا” .
و جمعت بازرعة علاقة صداقة مع عثمان حسين منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وكتب بازرعة معظم اغنيات عثمان حسين الشهيرة.
وتتوجه أسرة ” أماروس للإعلام والعلاقات العامة” وصحيفة ” التحرير الإلكترونية بأحر العزاء لأسرة الراحل الكبير وزملائه وأصدقائه ومحبيه وعشاق فنه ، ونسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة بقدر ما أعطى وقدم للسودان من إبداع جميل ورصين، وقد رحل الشاعر بعدما أثرى الأغنية والوجدان السوداني بأروع الأعمال الشعرية.
وجاء في المعلومات عن الراحل أنه ولد في العام 1934 بمدينة سنكات في ولاية البحر الأحمر بالسودان، واسمه بالكامل حسين بن محمد سعيد بازرعة، والاسم بازرعة اسم عائلي أصله من حضرموت.
تلقى تعليمه الأولي بمدرسة سنكات الأولية والمتوسط بالمدرسة الأهلية ببورتسودان والثانوي بمدرسة وادي سيدنا الثانوية القريبة من أم درمان، وعُرف عنه في مراحل تعليمه المختلفة تفوقه الدراسي وحبه لقراءة الشعر ونثره. ورغم ذلك جرى فصله في السنة الثالثة الثانوية لأسباب سياسية.
عمل بازرعة في مكتب شحن وتخليص وتعهدات في بورتسودان في الفترة من عام 1954 وحتى 1959 م، ثم هاجر إلى السعودية في عام 1968 وعمل موظفاً في شركة باخشب الملاحية بميناء مدينة جدة ،وتدرج في الفئآت الوظيفية حتى تبوأ منصباً قيادياً بالشركة.
كان يحب السفر وقضاء الإجازات في الخارج فسافر إلى بلدان مثل فرنسا واليونان ومصر، وكان يهوي فن الرسم واللغات، وكان تحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، كما ارتبط بعلاقات صداقة وطيدة مع العديد من الشخصيات القيادية في السودان والسعودية، بينهم الشاعر الأمير عبد الله الفيصل، والرئيس السوداني السابق عبد الرحمن سوار الذهب.
وكان يحب كرة القدم، واحترف اللعب فيها كلاعب في فريق نادي حي العرب الرياضي أحد فرق الدرجة الأولى بمدينة بورتسودان ، وتدرج في المناصب الإدارية فيه حتى تقلد منصب سكرتير النادي.
وتقول معلومات موثًقة عن سيرة الشاعر إنه كتب عن تجاربه الذاتية في الحياة، وقد عبرت مثلاً قصيدة “قصتنا” عن تجربة عاطفية لم يكتب لها النجاح و أدت إلى رحليه إلى المهجر، حيث الشعور بالاغتراب والحنين للوطن وللحب الذي ولى، فقال مخاطباً “الطيور المهاجرة “التي تمر فوق سمائه:
كل طائر مرتحل
عبر البحر قاصد الأهل
حملته أشواقي الدفيقة
ليك ياحبيبي للوطن
لترابه .. لشطآنه للدار الوريقة
هل تصدق تنـتهي قصتنا يا أجمل حقيقة
نحن عشناها بدموعنا وبالضنى في كل دقيقة
وجاء في سيرة الراحل أن القضايا العربية شكلت أحد المحاور الأساسية ، إذ “كتب اشعاراً تدعو إلى الوحدة العربية ومساندة المقاومة الفلسطينية ومن تلك الأشعار قصيدة ألفها بمناسبة الذكرى الأربعين لإنتفاضة الأراضي المحتلة بعنوان «عرس الأربعين» والتي كتبها في يوليو / تموز 1978”.
وجاء في المعلومات أن الشاعر ناجى في قصيدة “الوكر المهجور” صخرة كانت على شط البحر الأحمر ببورتسودان يجلس عليها لساعات طوال يكتب الشعر، وبعد عودته من المهجر وجد المكان وقد تغير بعد أن زحف نحوه العمران، لكن الصخرة بقيت في مكانها فكتب فيها شعرا يناجي محبوبته:
إن أنسى ما أنسى
ذكراك يا سلمى
في وكرنا المهجور
والصمت قد عمّ
تحلو لنا الشكوى
والحب والنجوى
كيف أنسى أيامي وفكرتي الكبرى
يا وحي إلهامي
و كتب قبل عودته إلى السودان شعرا عن شقته في جدة التي قررت سلطات البلدية هدمها:
غداً اقول وداعاً شقة العمر
على صدى من قرار غير منتظر
اتى النذير بلا وعيد ليخبرني
رحيلك ما أقساه من خبر
حقاً أودع دارا حبه الأثر
تموج بالروح والإيناس والذكر
قضيت شرخ شبابي بين أضلعها
وبين أركانها أودعت مدخري