شكرا الإنقاذ، فقد شتتنا بعناية ودون رأفة في كافة بقاع الأرض؛ مما دفعنا لإعادة اكتشاف قدراتنا في النزوح والصبر على الجغرافيا الجديدة.
ينتشر الان السودانيون فيما يخطر وما لا يخطر على البال من أنحاء كثيرة في العالم. ان في ذلك درساً للبناء وإعادة بناء السودان اذا ما عاد الناس بافضل ما لديهم من تجاربهم، واحتملوا بعضهم بعضاً، وثثاقفوا بما ملكت تجاربهم.
ذلك ما لم تعلمه الإنقاذ ولم تقصده . إجبار الناس على الخروج والانتشار الدفاعي عن وجودهم احتوى على فكرة أخرى، وهي ايفاد الناس لتلقي المزيد من التجارب التي من الممكن ان تعود بفائدة قصوى في القضاء على الأمراض الوطنية المستوطنة، اذا عادوا، واستثمروا في معارفهم، وثقافاتهم العلمية التطبيقية الجديدة.
بالطبع سوف تنشا مفارقات ومثلما شهدت الثمانينيات اثراً للثقافة الخليجية في السودانيين في سلوكيات ثقافية حسنة او ضارة، فان هذه المرة سوف نشهد اثراً لجغرافيات ذات ثقافات مختلفة من اميركا، واميركا اللاتينية وأوروبا وأوروبا الشرقية واسيا، وأفريقيا، اذا عاد الناس وأقاموا ما يودون من أعمال ومبادرات.
لا نريد استهداف الدولة وإنهاكها بطلبات التوظيف، ولكن رفدها بالخيال، والعلم، وتنمية الاقتصاديات المتنوعة. في ذلك هزيمة مستحقة ستكون لأعداء الحياة، وما ارادت الإنقاذ ضربه بخلق معتقل ثقافي كبير بقوانينها وسلطاتها المطلقة المجحفة.
شاهدنا أبناءنا وبناتنا كيف انهم عادوا في أثناء الاحتجاجات والثورة، وكيف ساهموا في تغذية سباقات وسياقات المقاومة.
شاهدنا كيف التحمنا وتوحدنا بوصفنا سودانيين في لحمة واحدة بعواصم أوروبية واميركية تنديداً بالنظام، ومناداة بإسقاطه. الآن حان وقت الرجوع او العودة ليس من منطلقات عاطفية صرفة، ولكن من فكرة وافكار ذكية للعمل وتسديد الضربات البنائية الموجعة لما تم هدمه، وإعادة اكتشاف الوطن من زوايا عديدة، ممتعة وخلاقة. ذلك لمن استطاع للعودة سبيلا.فلنعد حتى ننتصر.