بعد المقابلة التي أجراها أستاذ فيصل محمد صالح في قناة النيل الأزرق مع رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك، تفاءلت الجماهير خيرا، فقد تحدث عن الداء الذي يعاني منه السودان والدواء، ووصف الروشتة بدقة زادت الناس يقينا بأن الذين كانوا يحكمون السودان فاقد تربوي بأعلى المواصفات، وحقيقة حديث حمدوك غير مزاج كل الشعب السوداني ومنحه احساسا جديدا وأعطاه دفعة معنوية كبيرة وأعطى الثورة بعدا آخر، وبدأ الناس يفكرون بشكل مختلف ويرسمون الأحلام بعد توقف دام 30 سنة.
بلا شك حديث حمدوك ذكر الجماهير حديث الجهل الذي كان يصرح به البشير ووزراء اقتصاده الذين لا يرون في السودان غير بقرتهم الحلوب التي لا يجب أن يشاركهم فيها أحد، دائما القضايا الاقتصادية عندهم ليس لها حل قريب، لم يروا زراعة ولا صناعة ولا موارد أخرى، حتى البترول الذي أخرجوه سرقوه ثم فصلوا الجنوب الذي اختاروا التخلص منه هو وبتروله، وقد كانوا يتخذون من استمرار الصراعات والحروب استراتيجية لا غنى عنها، حتى لا يجد الشعب متنفسا ليفكر في حياة أفضل، ولكن كثرة الأوجاع جعلت الشعب يثور ويتخلص منهم وسيظل في حالة ثورة حتى تتم معالجة كل أمراضهم التي خلَّفوها في جسد السودان.
حديث حمدوك أكد أننا أمام فرصة تاريخية لا يجب أن نتركها تضيع من بين أيدينا، فالرجل لديه خبرة كبيرة بمشاكل قارتنا الإفريقية وأكد أن مشكلتنا قابلة للحل بأحسن ما يكون في سنوات قليلة، وليس كما كان يقول جهلاء الإنقاذ أننا نحتاج لسنوات طويلة لتحل، كما قال إن العلاج غير مؤلم كما ظل يردد جهلاء الإنقاذ الذين يصرون أن علينا أن نتحمل ألم كل الجراحات الاقتصادية الوهمية التي سيقومون بها رغم أن نتيجتها دائما غير مضمونة، وما وصفوا لنا روشتة اقتصادية وإلا واتضح أنها قاتلة.
قال حمدوك “لا بد من خلق بيئة سياسية حاضنة لبناء اقتصاد معافى من خلال بناء سلام مستدام وأن علينا أن نساهم فيه ونتعاون من أجل تسريع سريان العلاج في جسد الدولة المسموم وأن قوتنا في وحدتتنا، تلك الوحدة التي لطالما ضربها النظام المخلوع ليتفوق في حربه على الشعب من خلال سياسة فرق تسد التي اتخذها منهجا ووسيلة للحفاظ على السلطة”.
أكثر ما أفرح الجماهير حديث حمدوك عن علاقاتنا الخارجية التي رهنها النظام المخلوع للدول الغنية التي أسس من أجلها سوق يستغل ظروف الشباب والأطفال فيرسلهم ليقاتلوا بالإنابة عنها في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وأكد أن خلاصنا في خلق علاقات تبنى على مصلحة السودان والندية وتدار بحصافة عالية.
لم ينسَ رئيس الوزراء أن يشدد على أن استقلال القضاء ومؤسسات العدالة التي تمثل رأس الرمح في محاربة الفساد بالتطبيق الصارم للقوانين، وكلنا يعرف أن الفساد تسرب إلى كل المؤسسات السودانية عبر بوابات القضاء والقانون التي فتحها نظام الحركة الإسلامية مشرعة أمام كل الفاسدين، وظل الرئيس المخلوع يرعى بنفسه مشروع الفساد فكلما وعد بإصلاح قام بتأسيس أجسام لتصبح واجهات توارى خلفها الفساد وتجعله يتمدد فبرع فيه أغلب من انتموا إلى المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية مشاركين أو مباركين أو ساكتين عليه.
قال حمدوك إنه سيكون صارما في معايير الاختيار للوزارات، أي أنه لن يأتي بكل من هب ودب مثلما كان يفعل المخلوع ولن يكون هناك سلم يتسلق من خلاله الفاسدون، وهكذا قفل الأبواب أمام كل أسباب الفشل والفساد التي أدت لانهيار السودان نظريا ويبقى التطبيق العملي، وعلينا أن نساعده وندعمه.
إنها فعلا فرصة ذهبية وفرها لنا القدر بل هي فرصة ماسية تفسح لنا المجال لنصبح وطنا مزدهرا، وقد لا تتكرر ولا يجب أن نتركها تفلت من بين أيدينا، فرئيس الوزراء قال إن هذا أنسب وقت لنتحد ونتعاون ونعبر بالسوادن، لقد كان حديثه مطمئنا وملهما وهكذا تكون البدايات الجيدة.