الرياض- التحرير- عرض: منصور الصويم:
عبيد حاج الأمين
في كتابها “عبيد حاج الأمين من الاتحاد إلى اللواء الأبيض.. البطل الشهيد حاج الأمين مفجر ثورة 1924″، تسرد الأستاذة مها عبدالله حاج الأمين، سيرة المناضل والثائر السوداني عبيد حاج الأمين، في شقيها الأسري والثوري.
وتقول الكاتبة في عرضها للكتاب في برنامج “كتاب الأسبوع” على قناة “المقرن الفضائية”: “إن التغييب الذي حدث لـ “جدها” عبيد حاج الأمين إعلامياً، كان الدافع الأساسي من وراء تأليفها لهذا الكتاب”، مشيرة إلى إلى أن مصدرها الأساسي لهذه السيرة إلى جانب كتب التاريخ؛ يعود إلى جدتها “نفيسة حاج الأمين” شقيقة عبيد حاج الأمين، التي تصفها بأنها كانت امرأة حكاءة تحفظ الأقاصيص بسهولة، كما كانت دقيقة في سرد المعلومة التاريخية.
وتضيف المؤلفة أنها أحست كأن جدتها اختارتها لتروي لها سيرة جدها عبيد حاج الأمين، وتقول من هنا بدأت بذرة الكتاب. ومما حكته نفيسة حاج الأمين أن أسرته اكشتفت اشتغاله بالسياسة، وأنه يواجه مشكلات مع الإنجليز وهو في سن 17 عاما.
تشير مؤلفة الكتاب إلى أن كتب التاريخ تذكر أن عبيد حاج الأمين مولود سنة 1898، لكن روايات الأسرة (الجدة نفيسة والأم عرفة حاج النور الخبير)، تؤكد أن ميلاده الحقيقي كان سنة 1901. حيث نشأ وترعرع في حي مكي بأمدرمان، بعد انتقاله مع والدته وإخوته من حي بري المحس في الخرطوم، بعد وفاة والده ليعيش مع أخواله.
نشأ عبيد في حي مكي، وتعلم إلى أن وصل كلية غردون (الثانوي القديم) بعدها اتجه إلى السياسة، وتشير الكاتبة هنا إلى أن التعليم في عهد الاستعمار كان خاصاً بأبناء الطبقة العليا (الأعيان ورجال الدين)، وأن الطلاب – زملاء عبيد – كانوا من كل أنحاء السودان (شرق غرب شمال) باستثناء جنوب السودان، وكانت لدى هؤلاء الطلاب رغبة كبيرة في مستوى تعليمي أعلى، كما كانت لديهم تطلعات وأفكار تتعلق بتحرير ليس السودان وحده، ولكن وادي النيل بأكمله ممثلا في وحدة مصر والسودان، كما كانوا يثقفون أنفسهم عن طريق المجلات والجرائد المصرية التي مثلت ملاذاً لهم فقرؤوا خطب مصطفى كامل، وغيره من الوطنيين المصريين.
وتضيف الكاتبة أن ثورة سعد زغلول في مصر عام 1919 مثلت بالنسبة إلى عبيد ورفاقة الأمل في الثورة والتحرر، وتمنوا أن يظهر من بينهم زعيم سوداني، مثل: سعد زغلول.
وفي عرضها للكتاب، أشارت المؤلفة إلى أن الوفد السوداني إلى إنجلترا المكون من السادة “عبدالرحمن المهدي وعلي الميرغني والشيخ أبو القاسم هاشم، شيخ علماء السودان”، ومجموعة أخرى من رجال الدين والأعيان، الذين كان مطلوباً منهم تقديم الولاء والتهاني والتبريكات إلى ملك إنجلترا لانتصاره على الحلفاء في الحرب العالمية الأولى؛ أن هذه الخطوة كانت ضربة كبيرة بالنسبة إلى عبيد وزملائه، حيث تساءلوا: “كيف أنهم تحت الاستعمار وتسافر مجموعة تمثل أعيان البلد والطبقة الدينية إلى إنجلترا لتقدم التهاني، وأداء فروض الولاء؟”، ومن هنا اتجهوا إلى تكوين أول تنظيم سياسي في تاريخ السودان الحديث، ويكاد يكون أول تنظيم في أفريقيا، وهو تنظيم “الاتحاد”.
عبيد حاج الأمين وبقية زملائه (سليمان كشة، ومحي الدين جمال أبو سيف، وتوفيق صالح جبريل، وإبراهيم بدري)، تقول المؤلفة أن هؤلاء الخمسة مثلوا الشعب أو السودان عامة في أن يؤسسوا وحدة ويكونوا تنظيماً سرياً يواجه الاستعمار وينازله؛ مشيرة إلى معضلة واجهتم، وهي مشكلة “الاجتماعات” واللقاءات، فاختارو صالون “فوز”، وفوز امرأة مثقفة تحب الغناء والشعر، كان لديها صالون أدبي فني في منزلها – قريب من حي الموردة في أم درمان – حيث اختاروا منزلها أو صالونها ليكون مكانا يلتقون فيه بعيدا من أعين الإنجليز.
وترى الكاتبة أن هذه الاختيار يعبر عن ذكاء المجموعة، لأن حكومة المستعمر الإنجليزي كانت تمنع الحديث في السياسة داخل الدواوين الحكومية، لذا بدأ عبيد ورفاقة يستقطبون الشباب بدعوتهم إلى اللقاء في دار فوز، ومنهم الشاعر خليل فرح، الذي كان صديقاً لعبيد حاج الأمين.
من خلال عرض المؤلفة يغطي الكاتب حيزاً مهماً من التاريخ السوداني المصري، ويكشف عن ظروف ونشأة تنظيم الاتحاد، والملابسات التي قادت إلى ثورة 24، كما لا يغفل عن تقديم جانب من الواقع الاجتماعي لتلك الفترة المهمة من التاريخ السوداني.