انتهى زمن (البرطعة) .. وهالله هالله على الجد. الحكومة أصبحت أمرا واقعا .. والرهان على أن قحت ستفشل في تشكيل حكومة تبخر مثلما تبخرت آمال الحالمين بعودة الإنقاذ ورأسها المخلوع.
لن نبالغ ونطالب حمدوك بحل كل مشاكل السودان، لكن عليه الآن الالتزام الصارم بما وعد .. وهو كاف استنادا إلى بنود إعلان الحرية والتغيير.
يكفينا من حكومة حمدوك تحقيق السلام في ربوع السودان . سلام عادل ومنصف ومتماسك. ويكفينا السيطرة على جنون الأسواق .. فبعض الفرامل سيكون لها أثر طيب في تخفيف الانحدار، قبل إيقاف التدهور .. ثم الانطلاق.
نعم .. يكفينا أن تتلاشى الدولة العميقة .. بدءا من الأحياء والمحليات .. حتى مفاصل الخدمة المدنية بأعلى مستوياتها، ويكفينا أن يتحسن الإمداد الكهربائي والمائي، ودخول شركات عالمية تتنافس في تزويدنا بالطاقة من مختلف المصادر المتاحة.
يكفينا أن نضع الأسس الحقيقية الصارمة للبنى التحتية، فكم نسيء لصورتنا وصحتنا بغياب الصرف الصحي وغرق أحيائنا كل خريف في مياه الأمطار !
ويكفينا أن ننعم بوجود العلاج والدواء، وأن نهنأ بخبز متوفر يستطيع الغني والفقير الحصول عليه بلا رهق ودون أدنى لهاث.
تكفينا وشائج سليمة مع العالم .. ويكفينا أن نكون أصحاب علاقات ودية مع أمريكا .. نأخذ من خيرها عبر تبادل المصالح، ونبتعد عن شرها حين تبطش ويجن جنونها !
لسنا في صراع مع أحد .. ولا مصلحة لنا في خلق عداوات لن تزيدنا إلا خسارا. لدينا مشروع الجزيرة الراقد في غرفة الإنعاش، ولدينا ملايين الفدادين المتلهفة لاحتضان التقاوي والمحاريث. لدينا مصانع النسيج والأحذية والحديد والتعليب وصناعات الألبان والجلود والملابس الجاهزة وغيرها .. تنتظر إيقاظها من السبات القهري إلى دنيا العطاء والإنتاج.
ثم ..
فوق كل ذلك ..
لدينا إنسان رائع متحمس .. يملك من التأهيل الحرفي والفني والأكاديمي ما يهز الجبال .. هذا الإنسان تم حبس عطائه لثلاثة عقود .. وتم مصادرة قدراته على التنفس الطبيعي، وحان الوقت الآن لإيقاظه وتفجير طاقاته المخزونة.
عشرات القطاعات تنتظر شرارة البدء .. والحكومة ينتظرها إطلاق تلك الشرارة .. والمال لن يقف حجر عثرة أبدا، فرؤوس الأموال الأجنبية زال خوفها الآن، ومغتربونا بقليل من التحفيز (المستحق لهم) يمكنهم أن يمدوا الدولة بمليارات الدولارات خلال الفترة الانتقالية وحدها.
لن تعود العجلة للوراء .. ولا عذر لأي متقاعس عن الإسهام في مسيرة الوطن، والوعي العام سيعرف كيف يتعامل مع أهل المكايدة والتثبيط والأحلام، فالمسار واضح، والمسيرة انطلقت.
نعم انتهى زمن البرطعة .. وهالله هالله على الجد.