أحد أسباب التأخير في إعلان التشكيلة الوزارية، هو أن رئيس الوزراء حمدوك رأى ان الأسماء التي رشحتها ق ح ت لا تتضمن سوى امرأتين، والآن ارتفع عدد النساء في التشكيلة الى أربعة، من بينهن زميلتي وصديقتي أسماء محمد عبد الله، فقد تزاملنا في جامعة الخرطوم (وليس غردون)، وتم قبولنا في نفس اليوم كدبلوماسيين في وزارة الخارجية، بعد ان اجتزنا اختبارات ومعاينات يشيب لها الولدان، وبعد دخولنا “الخارجية” بفترة قصيرة دخلت أنا سجن كوبر، بتهمة السعي لقلب نظام جعفر نميري، رغم أنني لم أكن وقتها أملك حتى رخصة قيادة سيارة، ومثل تلك التهمة يجب ان يتم توجيهها لمن يركب دبابة، ولكن من المؤكد أنني كنت وما زلت “راكب رأسي”، ولهذا كان التناغم بيني وبين ثوار ديسمبر سهلا.
شقت أسماء طريقها بجدارة في أضابير العمل الدبلوماسي، ولأنها شريفة ومهنية فقد كان من الطبيعي ان يفصلها الكيزان من الخدمة في مطالع تسعينات القرن الماضي، فالتحقت بعدد من المنظمات الدولية والإقليمية (خمسة من الوزراء الذين وقع عليهم الاختيار سلفا يعملون في وظائف قيادية في المنظمات والمؤسسات الدولية وضحوا بامتيازاتهم وقبلوا المناصب).
أسماء شقت طريقها في المجال الدبلوماسي، وأنا شقيت طريقي في سجن كوبر من الزنازين الغربية الى مستشفى السجن فالسرايا ثم الزنازين “الشرقيات”، وكما ذكرت في مقال سابق فهي نفس الزنازين التي يقيم فيها التعيس عمر البشير حاليا، ولكن يكمن الفرق في الحالتين في أن زنزانة البشير بها سرير ومكيف وثلاجة وتلفزيون، بينما زنزانتي كانت بها بطانية مفروشة على الأرض فوق برش وقصرية (نونية) من الطلس الفاخر، وهأنذا أعيش اليوم مرفوع الرأس وموفور الكرامة بين أحرار بلادي، بينما البشير يغرق في وحل فضائحه من صنف (رسلوا لي 25 مليون يورو مصاريف خاصة وقالوا لي ما تكلم زول).
وأحس بسعادة غامرة لأن اختيار الصديق المناضل فيصل محمد صالح وزيرا للثقافة والإعلام أمر محسوم برضاء الجميع، لأن الجميع يشهد له بالمهنية والاستقامة، ولأنه شريف وعفيف فقد بعث لجميع معارفه برسالة طريفة قبل يومين يقول فيها، إنه اقتنى سيارة جديدة بعد ان أصيبت سيارته القديمة بإعاقة تامة، مع التذكير بأنها في حقيقة الأمر جديدة فقط مقارنة بتلك التي تركها، أي انها سيارة ثيرد او فورث هاند وليس فقط سكند هاند، وبالتالي لن يستطيع الدجاج الالكتروني الزعم بأنه استغل منصبه الوزاري واقتنى سيارة شبه جديدة كما فبركوا أمر قيادة أعضاء مجلس السيادة لسيارات إنفينيتي وقالوا إنهم بذلك بدأوا في العبث بأموال الشعب، ولم يفتح الله بالكلمة على هؤلاء المتباكين على المال العام وسيارات إنفينيتي تلك (عددها 40) ظلت قابعة في مستودعات القصر بعد ان اشتراها المخلوع قبل سنوات.
وعندي صديقان آخران لديهما مقاعد مضمونة التشكيلة الوزارية المرجح الإعلان عنها غدا الخميس، وسعيد لأنهم جميعا من ذوي الخبرة والمؤهلات العالية، ويسرني أن أعلن من هنا أنني نصبت نفسي وزيرا قطاع خاص: أي شاب ثوري يتزوج خلال ديسمبر- يناير المقبلين سأكون وزيره بكل سرور بشرط أن يكون دسيس مان مطرب حفل الزواج، ولو اختار العرسان وزراءهم سلفا فإنني لا أمانع في أن أصبح رئيس وزراء عرسان السودان الجديد، ويصبح اسمي الكامل “جعفر عباس نحمدوك”.. يا رب