السؤال عن الثقافة ودورها الوطني ليس سؤالاً عابراً أو تَرَفَياً، بل هو سؤال جوهري وضروري في المنعطفات الأكثر خطورة في حياة الشعوب وفي الأوقات الصعبة التي يسود فيها الإستبداد والظلامية كما في فترات الإنتقال من الإستبداد وظلمه وظلاميته إلى رحاب الحرية والعدالة وأنوار الوعي.
الثقافة في أقصى تجلياتها هي الأطروحة التاريخية المضادة لفقه القطعنة والاستسلام لسطوة الاستبداد أو الغوغائية واعتبار السائد سَيِّداً، لأنها عصيانٌ على الامتثالية وتمردٌ على الانقياد الأعمى الذي يستمد ديموميته من الاستثمار في الجهل والتخلف.
الثقافة والإعلام هما في الصميم من أي حراك سياسي أو اجتماعي نهضوي .. ومنذ بداية المعرفة إلى خاتمتها، إن كانت لها خاتمة، يبقى من أهم مطلوبات تحقيق النهضة الحرية والصدق وجسارة العقل في مواجهة نقائضه من الجهل والخرافة والغوغائية وغيرها.
نهنيء الصديق فيصل محمد صالح، بتوليه وزارة الثقافة والإعلام، وكل زملائه وزميلاته في الحكومة الانتقالية.
الأستاذ فيصل مثقف ملتزم بقضايا شعبه وإعلامي صادق منحاز لشعارات السلام والحرية والعدالة التي كانت، ولا تزال، نشيداً تردده أفواه الثوار .. نتفاءل أن تتوفر في عهده البيئة الملائمة لكافة المنابر الإعلامية والمنصّات الثقافية لتقوم بدورها الوطني المنشود؛ حتى نمضي معاً بإرادة واعية لإسقاط المفاهيم والسياقات التي قعدت بنا عن واجب بناء دولة المواطنة – التي تعترف بالتنوع وتحترمه وتُحْسِن إدارته – وشقِّ الدروب الصعبة للنهوض والتقدم.