بقدر حجم القلق الذي ساد الأجواء خلال بطء عملية الانتقال إلى الحكم المدني الديمقراطي الذي مازال يتشكل طفح قلق مريب في الاتجاه الاخر، حتى من بعض النافذين في المكون العسكري للسيادي، ومن الذين لا يعجبهم العجب.
نعلم أن النقد حق مكفول في ظل النظام الديمقراطي، لكن هناك فرقاً بين النقد الموضوعي والتشويش والتخذيل وبث الفتن وافتعال المعارك السياسبة الفوقية قبل أن تكتمل عملية الانتقال إلى الحكم المدني وبدء العمل التنفيذي.
معروف أن هناك تحديات كبيرة تحتاج إلى معالجات سريعة لكن وفق أولويات وبرامج مدروسة ومحسوبة في كل مجالات العمل التنفيذي والسياسي والأمني، وهذا يتطلب المزيد من العمل المنضبط.
تحقيق السلام الشامل العادل يحتاج إلى سياسة جديدة لا مجال فيها للضغوط التي اعتادت عليها الحركات المسلحة التي استمرأت الضغط لتحقيق مكاسب في السلطة والثروة كما كان ديدنها في الحكم السابق، إنما يحتاج إلى إستراتيجية عمل تخاطب استحقاقات السلام على الأرض وسط المواطنين المتضررين بعيداً عن المحاصصة والمناصب.
برنامج الإسعاف الاقتصادي يحتاج إلى تغيير لازم في سياسة التحرير الاقتصادي التي طبقت بطريقة مشوهة في النظام السابق دون اعتبار لاستحقاقات الاحتياجات الأساسية والخدمات الضرورية للمواطنين، وهذا يتطلب استرداد نظام الاقتصاد المختلط والتعاوني/ وإحياء المشاريع الزراعية بشقيها النباتي والحيواني، وإحياء الصناعة، وتحفيز الصادرات.
الإصلاح السياسي عملية مهمة وضرورية لتحقيق وحماية الديمقراطية خاصة مع ازدياد هوجة النقد المغرض ضد الاحزاب، رغم حاجة الأحزاب للنقد والتقويم لكن من داخل مؤسساتها التنظيمية وليس من أعداء الديمقراطية.
هناك هجمة متعمدة أيضاً ضد قوى الحرية والتغيير من أعداء الديمقراطية الذين يقولون بأن دورها قد انتهى بعد قيام الحكومة، مع أن وجودها مهم لمتابعة ومراقبة وحماية أهداف الثورة الشعبية دون أن تتحول إلى حزب بل تحافظ على مكوناتها الحزبية والنقابية والمجتمعية.
استمرار وجود قوى الحرية والتغيير لا يتناقض مع الحراك السياسي عبر الأحزاب والإتحادات والنقابات، وليس هناك مبرر للهجوم على الذين تم اختيارهم في المجلس السيادي أو الحكومة بسبب انتمائهم الحزبي أو النقابي.
هذا يتطلب من الأحزاب والاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني و الحركات المسلحة إعادة ترتيب أوضاعها لدفع الحراك السياسي والتنفيذي في الاتجاه الصحيح لصالح الوطن والمواطنين ووضع السلاح أرضاً والدخول في السلم كافة، وتأجيل المطالب النقابية والمهنية دون إهمالها من الحكومة لكن وفق خطط وبرامج تحقق التوازن المطلوب بين الحقوق والواجبات ضغوط سالبة تعرقل البناء الديمقراطي المنشود.