الرياض- التحرير- منصور الصويّم:
“الشائعات” إحدى الآليات المهمة التي يتبعها نظام الإنقاذ في سياسته الإعلامية، لا سيما فيما يتعلق بالمسؤولين الحكوميين في حالتي التعيين أو الإعفاء، وما يدور خلال هذه الأيام من تضارب في الأنباء بشأن إقالة الفريق طه عثمان، الوزير برئاسة الجمهورية ومدير مكاتب الرئيس السوداني؛ خير دليل على ذلك، حيث ظلت القضية الأولى المتداولة إعلامياً، والمنتشرة بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين تناول تحليلي جاد وآخر ساخر رافض من الأساس وجود الرجل في موقعه السياسي الحساس، ولا تزال أصداء الإقالة بعد ثبوتها مستمرة، و”التحرير” تتناول بعض أهم الشائعات في نظام الإنقاذ.
الشائعة.. تكتيك إنقاذي
استفحال الأزمات في “الزمن الإنقاذي” ربما كان هو أحد الدوافع الرسمية لانتهاج بث الشائعة كسياسة إعلامية يعتمد عليها نظام الإنقاذ في حربه ضد معارضيه، وجس نبض الجماهير السودانية عند محاولة إجراء أي تعديلات تتعلق بالجوانب الاقتصادية التي تمس المواطن بشكل مباشر.
«الحرب» هي الأخرى عامل قوي في انتهاج هذه السياسة ضمن إطار “الحرب النفسية”؛ لمحاصرة الحركات المسلحة في غرب البلاد “دارفور” وقوات الحركة الشعبية شمال في جبال النوبة والنيل الأزرق، وقبل ذلك في الحرب الطويلة ضد الحركة الشعبية في جنوب السودان.
كل هذه العوامل إضافة إلى الطابع الأمني المتشدد لـ”النظام الأحادي” تجعل من تبني أسلوب الشائعات تكتيكاً مفضلاً لم تتحول عنه “الإنقاذ” قيد أُنملة منذ لحظة إعلان نفي العلاقة مع “الجبهة الإسلامية” في 30 يونيو 1989م، وذيوع مقولة الراحل الدكتور حسن الترابي الشهيرة “اذهب إلى القصر رئيساً، وأنا أذهب إلى السجن حبيساً”، وإلى هذه اللحظة التي يتداول فيها الجميع خبر إقالة واعتقال مدير مكاتب الرئيس.
الموت أكثر من مرة
في الزمن الإنقاذي يحدث “الموت” للزعماء والقادة أكثر من مرة، وأغلب هذه المرات تدور في مجال الشائعات التي يمكن وصفها بالقوية لسرعة تناقلها والتعاطي معها، خصوصاً بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.
الزعيم الروحي للإنقاذيين الدكتور حسن الترابي، أكثر من تعرض لهذا الموقف قبل وفاته في 5 مارس من العام الماضي 2016م “رحمة الله”. وشائعة وفاة الترابي في أواخر العام 2011م، إبان عقد المؤتمر العام الثاني لحزب المؤتمر الشعبي في ولاية الخرطوم، تُظل عالقة بالذاكرة؛ لأنها كادت أن تحول فعاليات المؤتمر إلى مأتم، لولا سرعة نفي خبر الوفاة من أسرة الترابي والمقربين منه، وبالطبع أرجع الجميع مصدر الشائعة إلى جهات أمنية وحكومية في الحزب الحاكم “المؤتمر الوطني”.
شائعة أخرى ارتبطت بأحد زعماء حزب المؤتمر الشعبي وخلقت بلبلة إعلامية كبيرة هي شائعة وفاة الدكتور عبدالله حسن أحمد، نائب رئيس الحزب والوزير الإنقاذي السابق، وهي الشائعة التي تسببت في إيقاف صحفي بموقع إخباري إلكتروني عن عمله، بعد أن سارعت أسرة الدكتور عبدالله وحزبه إلى نفيها، واتهام جهات حكومية بأنها تقف وراءها.
وتصدرت شائعات “الوفاة” في “الزمن الإنقاذي”- بلا شك- تلك المرتبطة بالرئيس عمر البشير شخصياً؛ حيث تتكرر سنويا كلما غاب الرئيس عن الظهور الإعلامي لأسباب صحبة أو أي أسباب أخرى، وآخر هذه الشائعات وأكثرها تداولا تلك التي أشيعت عام 2016، في أثناء مشاركته في القمة العربية الإفريقية في غينيا؛ إذ انتشر في الوسائط الإعلامية المختلفة ومواقع التواصل خبر وفاة “البشير” إثر نوبة قلبية مفاجئة؛ ما دفع الفريق طه مدير مكاتب الرئيس –آنذاك- إلى نفي الخبر والتصريح للقنوات الإعلامية أنه “يجالس الرئيس الآن مستمتعين بمراقبة زخات المطر”، وأن الرئيس بصحة جيدة، ويواصل مهامه.
شائعات وإقالات
ثلاث شائعات انتشرت خلال السنوات الماضية، وارتبطت بأهم 3 شخصيات أمنية في البلاد، الشائعة الأولى ارتبطت بإقالة مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش، حيث أشيع في “2011م” أن غضب وزير الدفاع – وقتها – الفريق عبدالرحيم محمد حسين، كان أحد الأسباب المهمة وراء الإقالة، بسبب تمكن حركة العدل والمساواة من دخول أم درمان، وفشل جهاز الأمن في توقع ذلك، كما أشيع أن ارتباطات صلاح قوش بالمخابرات الأمريكية (CIA) كانت سبباً مهماً في إقالته، مع الإشارة إلى أن الرجل كان يخطط للإطاحة بالبشير، والانفراد بحكم السودان. الرجل الأمني الثاني الذي طالته الشائعات هو مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الحالي الفريق أول ركن محمد عطا، وتعلق الأمر هذه المرة بتوقعات الإقالة نتيجة لضغوط خليجية مصرية ترفض وجود عطا على رأس أعلى سلطة أمنية في البلاد. الشخصية الأمنية الثلاثة التي حامت الشائعات حول أسباب ابتعادها عن العمل العام هو الفريق عصمت عبدالرحمن، وزير الداخلية السابق، فقد أشيع أن الرجل اعتكف بمنزله مغاضبًا لأكثر من أسبوعين قبل أن يتقدم بالاستقالة من منصبه، كما أشيع أن أسباب الاستقالة تعود إلى احتجاج الرجل على وجود وسيطرة أكثر من “3 آلاف مسلح ميليشي بينهم أجانب على مناجم جبل عامر!”.
الفريق طه.. واتجاهات الشائعة
ظلت الصفحة الرسمية للفريق طه عثمان في موقع “فيسبوك” تنفي أنباء إقالته من منصبه مديراً لمكاتب الرئيس السوداني، نشطت حسابات أخرى في الموقع ذات لتأكيد هذا الأمر، مدعومة بروابط من مواقع إعلامية وصحف إلكترونية تذهب في ذات الاتجاه؛ بيد أن السؤال الذي ظل يواجه المتابعين ولا يجدون له إجابة حتى صدور بيان الإقالة، هو: لماذا تصمت الجهات الرسمية على الشائعة مدة طويلة؟ وهل الصمت في الأغلب يعني ضمنيا صحة الشائعة؟
أصداء الإقالة
لا تزال إقالة طه عثمان الرجل الذي ظل قوياً منذ أن اقترب من الرئيس عمر البشير تلقى أصداء واسعة، وتحليلات شتى من المحللين، ومن أهمها وجود شخصيات بارزة مرشحة للإقالة بسبب قربها من طه، مع تسويغ الإقالة بسبب فساد مالي، بل منهم من ذهب النظام إلى أن النظام لا يشغله موضوع الفساد، ومن ثم رأى أن محاولة انقلاب عسكري كانت وراء الإطاحة بدولة طه.
Online Drugstore,cialis 5mg buy,Free shipping,buy clomid,Discount 10%cialis black order