الحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله (الأعراف: ٤٣).
والحمدلله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.. (حديث شريف) حذيفة ابن اليمان.
ثلاثون عاماً من النوم المتواصل، بل الموت السريري. ثلاثون عاماً، ونحن نحقن بمخدر الإنقاذ. ذاك السم الزعاف. ثلاثون عاماً والأمم اليقظة تتقدم، ونحن نتأخر؛ بسبب الطبالين تجار الدين، الذين. يهتفون فوق رؤوسنا الي أن بحت أصواتهم: لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء.. والله يعلم أنهم لم يعملوا إلا لدنياهم. نهبوا أموالنا، وسرقوا أحلامنا، وأضاعوا آمالنا، وعذبوا اجيالنا.
وكنا يا أحبتي الكرام لا ندري متى تعقد دورات الجمعيةالعمومية للأمم المتحدة؛ لأنه لا ناقه لنا فيها ولا جمل. أي نعم كنا نعرفها كثقافة عامة، لأنه المثل العامي يقول: (شهر ماعندك فيه نفقة لا تعد أيامه). كانت لا تعنينا أمم متحدة، ولا محافل دولية! ولأن نصيبنا منها معروف، عقوبات.. وعزلة… وإقصاء… ووصمات عار. والمحاكم الجنائية…. وخيبات أمل… فكان رصيد السودان من المخزيات عامراً، حتى أصبح قادة الدول يفرون وينفرون من عمر البشير في المؤتمرات العادية، ومن مصافحته، وحتى من أخذ الصور التذكارية معه كما يفر السليم من الأجرب. فكان السودان في القائمة السوداء، إلى أن وصلنا مرحلة الخجل من جوازاتنا وإبرازها في المطارات الدولية.
سبحان الله مغير الأحوال جاءت ثورة ديسمبر المجيدة، وهي نتيجة تراكمات وثورات كثيرة مقموعة بأشد البطش والتنكيل، وكتمت أصوات المنتفعين الذين كانوا يقولون: من هو البديل؟ ومن يكون غير البشير كفيل؟ فادخلوا في بعض الناس الفوبيا. فوبيا البديل .. كأن لم يخلق أحد جدير بحكم السودان غيره.
نعم لا أحد يسمح لهم بالفساد وتجفيف ثروات السودان غير شريكهم البشير، فيخرج خاله ليبث التخويف والترهيب فيقول:- نشيل بقجنا والي اين الرحيل… إلى أن هب جيل ديسمبر الذي لا يعرف المستحيل.. أشعلها ثورة أذهلت العالم، فقدم التضحيات العظام.. فقلب عاليها سافلها.. أنشد “حريه. سلام.. وعدالة”، وقدم البديل فكان خطاب رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك خير دليل.
أحبتي امس ولد السودان من جديد، فكان حفله في صالة الأمم المتحدة، وشتان ما بين الصالات حينما كان يتراقص البشير، وبين الكلمة العصماء لحمدوك التي قدمها أمام ١٩٣ دولة عضوة وبعض المنظمات الأخرى دون تأتأة ولا خلل.. لا خطل في المعني. فكان خطابا متوازنا متماسكا coherent. فاهتزت الصالة تصفيقاً واحتفاءً؛ وفرحت بشرحه وتعريف السودان الجديد الذي نزهه من من الوصمات التي المت به بسبب أداء الفاشلين.
فتقول للمرجفين: هذا هو البديل، حفظه الله، وحفظنا جميعاً. والسودان ينعم بأبنائه البررة والكفاءت الداخلية والمهاجرة… فقط يحتاجون إلى أن يفسح لهم المجال لإثرائه بالخبرات الطيبة، كل في مجال تخصصه.
نحمد الله الذي أخرجنا من الظلمات الي النور، نسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والمدينة والديمقراطية والاستقرار.
ولكم مني أحبتي الكرام التحيه والتجله.
آسيا المدني
مسقط
سلطنة عمان.
٢٨ سبتمبر ٢٠١٩.