في البدء لا بد من تأكيد أهمية الحراك السياسي الحزبي الذي افتقدته الساحة السياسية طوال سنوات حكم الإنقاذ دون أن يعني ذلك التخلي عن تحالف قوى الحرية والتغيير الذي جسد إرادة الجماهير الثائرة، وبلور أهدافها وبرامجها المتكاملة في المرحلة الانتقالية.
اسمحوا لي بالتركيز في إفادة الأستاذ بابكر فيصل رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الإتحادي في الحوار الذي أجراه معه الأستاذ ضياء الدين بلال لقناة النيل الأزرق حول إعلانه تفرغه خلال الفترة الانتقالية لتجميع فصائل الاتحاديين استعداداً لخوض الانتخابات التي ستجرى عقب انتهاء الفترة الانتقالية.
كل الأحزاب السياسية تضررت خلال فترة حكم الإنقاذ نتيجة للتغييب القسري للنشاط السياسي العلني، لكن أكثر الأحزاب تضرراً هو الحزب الاتحادي الديمقراطي نتيجة لمشاركته في الحكم إبان السنوات الأخيرة لحكم الإنقاذ.
إن تعميم الأحكام على الأحزاب مخل خاصة وأن بعض الاحزاب لم تتضرر بهذا القدر رغم مشاركة أجنحة متكسرة منها مثل حزب الأمة القومي بقيادة الإمام الصادق المهدي، كما توجد أحزاب جديدة نسبياً لكنها ولدت بأسنانها مثل حزب المؤتمر السوداني الذي يقوده عمر الدقير.
في جميع الحالات هناك حاجة ماسة وسط كل الأحزاب إلى إعادة ترتيب أوضاعها التنظيمية واستصحاب المستجدات والمتغيرات التي أفرزتها القوى الصاعدة في الحياة السياسية، وأثبتت وجودها الفاعل والمؤثر مثل النساء والشباب.
هناك تحديات حقيقية تواجه الأحزاب خاصة تلك التي استندت تاريخياً إلى طوائف دينية تسببت في تداخل تام بين الحزب والطائفة وهو أمر يحتاج إلى مراجعة ديمقراطية تحقق فرز الأدوار دون هيمنة أو وصاية أبوية.
الفرز الديمقراطي لازم لكن على أساس المواقف من الديمقراطية دون عزل مسبق لأسباب عقدية أو طائفية أو إثنية حتى تكون أحزاباً سودانية ديمقراطية قادرة على المنافسة الحرة في الانتخابات وفق برامج وخطط لا على ألوية ورايات.
من الإشارات المهمة في هذا الحوار إفادة بابكر فيصل عن تصالحهم مع الختمية والطرق الصوفية وأن عضويتهم تضم بعض خلفاء الطريقة الختمية الذين يشكلون القاعدة الجماهيرية العريضة للحزب الإتحادي الديمقراطي.إفادة مهمة أخرى أوردها في هذا الحوار عندما أكد أن ثورة ديسمبر ثورة وعي وتغيير في المفاهيم، وأن الجماهير الثائرة هي الحارس الأمين لأهداف ومرامي الثورة التي تحتاج إلى خطاب سياسي يعبر عن قيم ومبادئ سودان المواطنة والديمقراطية والسلام والعدالة والحياة الحرة الكريمة للمواطنين. …