هناك فرق بين الحراك السياسي الحزبي والتحالفات المصنوعة التي نشطت مؤخراً بعد انتصار الثورة الشعبية، مع كامل التقدير للأدوار التي قامت بها تكوينات هذه التحالفات في فترة مقاومة نظام الحكم السابق.
النقد الأكثر الموجه لهذه التحالفات خاصة تكويناتها المسلحة المتخندقة في الخارج بدلاً من العودة إلى وطنهم، والمساهمة العملية في دفع الحراك السياسي لاستكمال البناء الديمقراطي، وتحقيق السلام الشامل العادل، وبسط العدل، وتوفير الحياة الحرة الكريمة للمواطنين.
قوى نداء السودان التي عقدت مجلسها القيادي بالعين السخنة باستضافة من جمهورية مصر العربية في الفترة من 27 -30 سبتمبر الماضي أكدت أهمية الانتصار المدني الذي حققته ثورة الشعب، وأنه فتح الطريق أمام نهضة السودان، وبناء نظام جديد، وتصفية دولة التمكين والفساد.
هذه مخرجات إيجابية، لكن لماذا يحدث هذا بالخارج رغم وجود اتفاق كامل وسط قوى الثورة الشعبية على هذه الأهداف؟ ولا يكفي بعد هذا الاتفاق إرسال وفد من الجبهة الثورية للعمل مع قوى نداء السودان لدعم أجندة السلام والإصلاح الإقتصادي وبناء جيش مهني و…. الخ من هذه الأجندة المعتمدة مسبقاً من قوى الثورة بالداخل.
حتى مشروع عقد المؤتمر الدستوري المطروح يستوجب العودة للوطن، والعمل مع قوى الثورة، التي التفت حول أهدافها المعلنة، بدلاً من هذه اللقاءات التي تمددت من أديس اببا إلى القاهرة ثم في جوبا، وأخيراً لقاء رئيس وزراء حكومة الشعب الدكتور عبدالله حمدوك مع رئيس “حركة تحرير السودان” عبدالواحد محمد نور الذي ظل متخندقاً في باريس؛ رافضاً أي حوار، بل عدّ هذا اللقاء المهم مجرد تبادل وجهات نظر!!.
المؤسف أكثرهذا الإعلان عن كتلة تاريخية نبتت فجأة ناطقها الرسمي محمد يوسف احمد المصطفى القيادي بتجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير ليصف حكومة الفترة الانتقالية بأنها “دولة الإنقاذ الثانية”!!.
أضاف الناطق الرسمي باسم ” الكتلة التأريخية” قائلاً: “إنها تشكل تحالفاً سياياً يضم 24 جسماً من قوى الهامش، وأنها تهدف لاستكمال مهام الثورة ووقف الحرب وتحقيق السلام و…. الخ”.
من ناحيته، قال محمد جلال هاشم أحد القياديين بهذه الكتلة الجديدة إنهم متمسكون بكافة أشكال النضال السلمي والثوري مع رفاقهم في حركات الكفاح المسلح لإنجاز مطلوبات الانتقال السياسي.
يبقى السؤال الأهم لمصلحة من هذه التحالفات التي تدعي أنها تمثل الهامش الذي التفت جماهيره الثائرة من كل مناطق السودان مع قوى الحرية والتغيير، ودفعت ثمناً غالياً من دماء أبنائها حتى تحققت الثورة الشعبية غير المسبوقة التي أدهشت العالم أجمع ..
هذه ثورة تحتاج أكثر إلى مساندة ودعم ومشاركة إيجابية بدلاً من افتعال معارك دونكيشوطية تضر أكثر مما تنفع.