اطلعت لتوى على البرنامج الإسعافي لقوى الحرية والتغيير المقدم (بعد شكوى وملامة ناعمة) للسيد الدكتور عبدالله حمدوك.
ركزت قراءتي في المجال الثقافي وما ورد فيه من أفكار. للأسف وجدت ما كنت أخشاه، وهو القراءة السياسية للثقافة، وتسمية الأشياء بمسميات متضخمة خادعة.
جاء ذكر المشروع الثقافي الديمقراطي البديل كالعنوان المرتجى من تحقيق الثقافة لذاتها في المرحلة الانتقالية. ولكن عندما نقرأ ما في السطور وليس تحتها نعثر على أفكار متواضعة تتعلق بدمار وتدمير الإنقاذ للثقافة طيلة فترة حكمها بتعرض سريع، وذكر طارئ لثقافة المركز والهامش، وأفكار عن دور للمجلس القومي للآداب والفنون بتسمية غير محقق،ة وهي المجلس القومي للثقافة والفنون.
الحرية والتغيير نادت بدمج وزارة الاعلام والاتصالات والتقانة والثقافة في وزارة واحدة دون بحث عن خصوصية الدور الذي يمكن ان تؤديه وتقوم به الثقافة ( في إعادة تعريفها) وتقديمها خدمات جليلة لكامل الجهاز التنفيذي والرأي العام.
كنت متابعًا لمجريات عجالة عمل المجموعة التي تولت هذا الإسهام الكتابي فيما يختص بالثقافة، وعملت جاهداً من خلال مشاركتي مرة واحدة في اجتماع لمنظمات المجتمع المدني كانت قد دعت إليه باتحاد الكتاب السودانيين قبل أشهر فيما يتصل بمناقشة تصور جديد للثقافة، وتحدثت عن أهمية الانطلاق من تعريف كلي ومتعدد لها بدلًا من تبني التعريف النمطي حتى نخرج بأداء معمق ومختلف هذه المرة باستخدام التفكير التحليلي للتعريف، ونبذ التفكير السياسي الذي لا يرى ابعد من أهداف سياسية قريبة وسهلة لا تناسب التعقيد الذي جرى بدور الثقافة، ومكوناتها في عصر الثورة المعلوماتية والتقنية.
اكتفت الأفكار الواردة في البرنامج الإسعافي، وفيما يتعلق بالثقافة بوجهة النظر السياسية المضادة فقط والتي حملت مسمى البديل الثقافي الديمقراطي دون محتوى خلاق تستحقه هذه الديمقراطية ومشروعها الثقافي المنتظر.
العداء للثورة ليس في حمل فكر سياسي مضاد كفكر الإنقاذ، ولكن في تسديد الطعنات القاتلة لمفاهيمها وتعطيل منصاتها في بحثها عن واقع جديد يتيح للناس تحقيق أنفسها على أداءات ذكية ومتجاوزة.
مرة أخرى وللتاريخ وتوثيق الموقف انشر التوصيات التي تقدمت بها ورقتي : الثقافة بين النكبة والنهضة والتي قدمت قبل أيام بورشة دعم برامج المؤسسات التنفيذية للمرحلة الانتقالية و جاءت كما يأتي:
1-فصل الثقافة من الإعلام، وإنشاء المجلس الأعلى للثقافة.
2- العمل والإبانة الكافية في الدستور والقوانين لإعادة تعريف الثقافة كونها الكليات الثقافية، وليست الفنون والآداب فقط.
3-التشبيك في العلاقات بين الإدارة الثقافية والإدارات السياسية التنفيذية بجعل العمل الثقافي في سياق الخدمة المدنية رافدًا من روافد تنمية الوعي الوظيفي والخدمي في كافة أرجاء السودان.
4-التقريب والتشبيك وخلق التفاعل المطلوب بين الإدارة الثقافية ومنظمات المجتمع المدني بالعمل على خلق البرامج المشتركة.
5- العمل فوراً لإنشاء المحفظة الثقافية أو بنك التنمية الثقافية كعنوان وموقع لتخصيص الميزانيات والتمويلات اللازمة للمشروعات الثقافية المختلفة.
6- ربط السياسة الثقافية بأهداف التنمية المستدامة والسياسات الثقافية لدى اليونسكو والخاصة بحماية وتعددية التعبير الثقافي، وتعزيز الحريات الثقافية.
7- تخصيص الرعاية الصحية والاهتمام بالمهنيين الثقافيين عبر المساهمة في إنشاء الصندوق الأهلي لهم.
8- العمل على إنشاء البنيات التحتية للثقافة الفنية والأدبية من دور عرض سينمائية إلكترونية، ومسارح، ومكتبات عامة، ومطابع.
9- تسهيل تدفق المعلومات عبر كافة الوسائل ونشر المعرفة العلمية عن التنمية والحرية، والسلام، والعدالة بحراستها عبر تحرير القوانين المقيدة. – 10- العمل على إنشاء إدارة تختص بالتنوع الثقافي واضحة القوانين، والمهام، والوظائف.