غندور يسجد من (ثقل الأوزار )..!(٢)
عادل سيدأحمد
- (… كما تدين تدان)..
- *من قتل مجدي في (ديسمبر) ؟..والثورة قامت في (ديسمبر)..!
- حينما يكون الحكم (إعداما) لمواطن حاز مالا (يمتلكه) .. والحاكم يحوز على (ملايين الدولارات)، بدون وجه حق.!
في (هوجة) من (أفاعيل) الإنقلابيين.. وفي (غمرة) نشوتهم بفوز كاذب، ونزوتهم بحكومة غاشمة زائفة، اتت – كاللص – في دياجر سواد كالح.. وقد إمتلأ رأس السلطة ب(سطلة) النفوذ المسروق ، في عتمة ظلم الظلاميين..وفي ليلة كفر النجوم غمامها.. وخيم الحزن على صقورها وحمامها..
قتلت (وإغتالت) سلطة القهر ، شابا يافعا.. ما وجدته في شارع (دولار ، ريال، شيك سياحي).. ولا (اقتادته) من (برندات) العملة في العربي أو الجمهورية.. وإنما إقتحم (عسسها) البيت الكريم.. ذو التأريخ التليد..والتقليد الحميد.
نعم.. إنتهك (كجر السلطان)، خصوصية البيوت.. فسطوا (بغير وجه حق).. في قرون وسطاهم..ومحاكم تفتيشهم..(داهموا) - بالباطل ، ببتا من بيوت (العز والرزق الحلال)، عبر سنين من المثابرة والعمل، بكد اليمين وعرق الجبين.
ورغم فرية كبرى، أطلقها – بجهل – (الضابط) قلندر، بعد أن انطلت عليه حيلة (إذهب إلى القصر رئيسا، وسأذهب إلى السجن حبيسا).. فكتب مقالته ذائعة الصيت، سيئة السيرة، خائبة السريرة(هل هؤلاء الرجال جبهة).. بيد أنه لم يتسن لأحد، أن يقول له (إنت جادي..!)..حتى جاءه الرد اليقين ، والقول الفصل، ممن خبر المجتمع السوداني العظيم.. وخبره أهل الدنيا والعالمين.. رائع الأدب ، متقدم العتب، مراس الصعب.. فائح عطر الرواية..وبديع القصة والحكاية..راضع (لبا) لبن الوطنية.. طيب الذكر، عبق الفكر ، ساطع القمر، واسع البحر.. أديبنا العالمي الخبير النحرير، الطيب صالح.. حينما كتب مقالته الشهيرة المعبرة.. بقلم الفكرة، ولسان الذكرى، وخطى العبرة:(من أين جاء هؤلاء؟! ).. فكان السؤال نفسه، إجابة شافية كافية وافية، ل (كنه) الإنقلابيين (الجدد).. الذين لم يأتوا من صلب ودحبوبة أو المهدي، وعبداللطيف والماظ والخليل والعبادي والأزهري وكرومة وجكسا..بيد أن محمد علي وإسماعيل باشا، بأدوات (الضرائب والدفتردار) ، كانوا ارحم
، بكثير، من (الفرعون الوطني)،وزبانيته.. ومن صلاح كرار..
مجدي محجوب محمد احمد، لم يشفع له (حر وحلال المال).. وقد كان عمه الدبلوماسي الرفيع جمال محمد احمد.. قبل (ملطشة) الخارجية، بعد أن (لوثتها) أيادي الغدر والخيانة.. بأن هزمت (كاريرها)، وافرطت عقدها، وفرطت في (زخرفها ورونقها) ، عبر تاريخ تليد، وارث مجيد..فجاءها (سحلول وكرتي وغندور)، وما أكل السبع.. بعد أن تعطل السجع ونضب النبع وساد المنع ومات الذرع وقحل الضرع وانتشر القمع.!.
مجدي. قتلوه في (ملاليم) معدودات، من الدولارات..ووالدته المكلومة ظلت (لسنين عددا)، (تدعو) في كل صلاة ، وتحج في كل عام:، وتناجي ربها، بالعشية والآصال (خمس مرات) في اليوم:(اللهم إنتقم لي من خمسة.. وارني فيهم يوما، محروقين،كما حرقوا حشاي، يارب العالمين)..
فكيف مات
الخمسة،ومنهم، من هو حي ينتظر؟! ..لقد ماتوا حرقا وغرقا.. وبعضهم حي كميت، يموت على راس كل لحظة.. وهل هناك (حريق للنفس) أكثر من أن يجعل الله من بين أيديهم سدا.. ومن خلفهم سدا، فيغشيهم ، فهم لا يبصرون..فقد وصل الجمع الكبير، إلى مقر أخطر نقطة في السودان، مكتوب على أبوابها (ممنوع الإقتراب والتصوير)..؟!.
وهل هناك أجرم من أن يجدوا في بيتك ملايين الدولارات.. وبلدك في فاقه.. وشعبك في ضنك.. وقانون طواريك يردع.. ومحاكم تفتيشك تمنع.. وإسلامنا – وليس إسلامك – يرفع ويترفع.. فيكون درس (إبن اللتبية) أبلغ وأنفع.. حينما زجره نبي (الحرية والسلام والعدالة) :(هلا جلست في بيت ابيك وامك، فترى أيهدى إليك أم لا)..؟!
لقد كان في قصة مجدي (عبرة تأريخية).. قتلوه ب (دم بارد) في ديسمبر ١٩٨٩، وعمره خمسة وثلاثين عاما.. ولكن (الدم) لا يروح هدرا..وقد أطلقت والدته، (مبكرا)، شعارها الحزين المحزون المخزون :(الدم قصاصو الدم).. فرفضت، بصبر أيوبي نادر، وجلد إنساني فريد، وصيحة إستقرائية جبلية داوية:(ما بنقبل الدية).. بيد أن المستبد امر جلاديه أن يرفعوا عنه (قلق المضاجع)، والليل والمواجع، وعدالة السماء في جنح الدجى، وسره الباتع.. .. لقد أمرهم (كبيرهم القاهر) أن يستسمحوا (الموجوعة المفجوعة).. بيد أنها رفضت.. وظلت، لسنين عددا، تدعو وتنتظر..
هم يتراءى، لهم النوم،وهي تدعو بين (تلت الليل) والأسحار.. وعين الله التي لا تنام.. وهي تعلم (وتؤمن) بأن (دولة الظلم ساعة، ودولة العدل إلى قيام الساعة).
لقد قتلوا (جنا حشاها، وفلذة كبدها) بهتانا، في ديسمبر، وعمره، في بحر الثلاثين خريفا.. حتى انصفها (ربيع شباب السودان) في ديسمبر الخير، حينما انطلقت ثورة (الموازين القسط).. وأمام ربك، كان - وسيبقى – لسان الحال:(آيها المظلوم تقدم.. آيها الظالم لا تتكلم).
وبين (الربيع والشباب وديسمبر)، تكمن (قصة مجدي)، مقرونة ومقروءة ومغبونة مع قول الرسول، صلى الله عليه وسلم :(البر لا يبلى ، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت.. إفعل ما شئت ، كما تدين تدان).
نقلا عن عن جريدة الوطن