هناك مثل أميركي شهير يقول : تسير الثورات على البطون الفارغة . لا يبدو أن هذا المثل يجد صدى في داخل حكومة الثورة ، فهناك قضايا حياتية متعددة تتعلق بمعاش الناس مازالت بعيدة عن الوضع المطمئن .
حكومة الثورة عليها أن تنجز قضايا الحياة الملحة مثل الخبز و الوقود و المواصلات ، لا يمكن أن يصبر الشعب على الجوع لزمن طويل .
لقد ارتفعت أسعار البصل فقط لأرقام فلكية، و تجاوزت اسعار معظم السلع كل المنطق و المعقول ، و لا تبدو هناك بادرة واضحة و مطمئنة تبثها حكومة الثورة عن قرب إيقاف غول الأسعار الذي إلتهم كل مدخرات المواطنين و كل إمكانياتهم ، و أكثر من يعاني هم الموظفين الذين صارت مرتباتهم لا تكفي لاسبوع .
اخطر ما يمكن أن تواجهه حكومة الثورة أن يقارن الشعب بين الوضع المعيشي اليوم و أيام البشير و لا يشعر بالفرق . و اخطر ما يهدم الثقة بين الشعب و الثورة أن يشعر الفقير بانه ازداد فقرا و أن لا يرى تغييرا و لو طفيفا في حياته من الأسوأ نحو الأفضل.
جوع و فقر الشعب سوف يستغله أنصار الدولة العميقة، و أنصار الأحزاب التي رفضت الاتفاق السياسي و تتحين الفرص للانقضاض عليه ، و النشطاء الذين يعملون ليل نهار على تمزيق الوثيقة الدستورية و تصوير الوضع الراهن كامتداد لنظام البشير . لذلك السبيل الوحيد لدرء خطر هؤلاء هو توفير معاش الناس .
الحكومة عليها أن تفرغ من جدول أعمالها اليومي أكثر من النصف لمتابعة المعاش بصورة لصيقة ، فهذا هو الامر الذي يحتل المقام الأول في اهتمامات المواطنين ، و الباب البجيب الريح ،و على الحكومة ان تسده لتستريح .
الخبز يجب ان يتوفر في كل بقالة و كل سوق و كل محطة في اي مكان في السودان ، يجب ان يتوفر و لو يبيت حمدوك في مخبز في الفاشر و يبيت حميدتي في مخبز في كسلا و يبيت البرهان في مخابز الخرطوم، هذا أمر لا تهاون فيه .
الوقود كذلك عليه ان يتوفر و أن تتوفر معه المواصلات ، و ان لا يشكو اي مواطن من الوقوف امام المحطات او الوقوف في انتظار المواصلات لساعات طوال ، هذا يجب ان ينتهي و لو يتم ارسال كل سيارات الوزراء لنقل الموظفين و المواطنين و يصل الوزراء الى وزاراتهم حبوا او على أرجلهم .
معركة التغيير الاهم بالنسبة للمواطن خارج باب بيته مباشرة في البقالة و المخبز و المواصلات ، و ليس في سيداو و لا كتب محمود محمد طه و لا في الليبرالية و لا الرأسمالية و لا الشيوعية .
اذا جاع الشعب سيثور و لو حكمه أنبياء ، واذا وجد الشعب خبزا يسد رمقه و مواصلات توصله إلى محل كسب رزقه ، فهو سيصبر على حكومة الثورة إلى ما شاء الله ، و سيستمتع بالجلوس أمامها للاستماع للخطب العصماء و التحولات الكونية و الأيديولوجيات، و سيجد وقتها رفاهية ان يناقش و هو مبتسم .
يا حمدوك البطون الفارغة لا تعرف الصبر و لا الحكمة ، و لا يمكن مخاطبتها الا بلغة توفير الخبز ، فوفر لها الخبز قبل أن تسير إليك على ظهر ثورة جديدة .
sondy25@gmail.com