عقد اليوم الاثنين اجتماع ثلاثي المشترك ضم مجلس السيادة و مجلس الوزراء و قوى الحرية و التغيير ، و يعتبر هذا الاجتماع هو الحدث الأبرز و الأهم في بحر هذا الشهر، فلقاء من هذا النوع مطلوب و بشدة من أطراف الحكومة جميعا لمواجهة التحديات التي تواجهها الفترة الانتقالية ككتلة واحدة ، فالاتفاق السياسي و الوثيقة الدستورية تم توقيعها من كل هذه الأطراف و لم يعد مقبولا باي شكل من الأشكال ان تواصل الأطراف في القطيعة التي كانت قبل الاتفاق ، بل يلزمها الآن أن تتحد وحدة حقيقية من أجل العبور بالفترة الانتقالية و تحقيق أهدافها التي لا يمكن تحقيق ربعها اذا واصلت الأطراف الحكومية في طريق عدم الثقة و التشكيك بينها .
مرحلة الثورة انتهت و جاءت مرحلة دولة الثورة ، شاء من شاء و أبى من أبى فدولة الثورة يحكمها مجلس السيادة و مجلس الوزراء و قوى اعلان الحرية و التغيير، هذا الثالوث يتحمل بشكل كامل مسؤلية الفترة الانتقالية و اي انتكاسة في تحقيق أهداف الثورة أو أي تخاذل في دعم الحكومة أو أي تشكيك من طرف في بقية الأطراف بدون حكم قضائي هو عمل مرفوض و يعد في خانة الدعم للثورة المضادة.
هناك قضايا مثل العدالة لها مسار معروف، لا يجب ان يتداخل هذا المسار مع مسار الحكومة ، فالحكومة عليها إنجاز ملفاتها بروح الفريق الواحد و الا فإن الفشل مصيرها ، و متى ما ظهرت في التحقيقات اتهامات فهي قضايا قانونية تأخذ مسارها في اضابير العدالة و لا يجب ان تؤثر من قريب أو بعيد في ديناميكية و فعالية الدولة في تسيير مهامها .
مثل هذا الاجتماع الثلاثي المشترك يمكنه أن يزيل الاحتقان المزمن في الشارع و يفتح الآفاق لمسار صحي تمضي نحوه دولة الثورة لإنجاز أهدافها ، كما أن في تكرار مثل هذا الاجتماع ما يزيل كثير من اللبس بين الأطراف الثلاثة ، و يقلل بصورة كبيرة من بروز الخلافات و يزيد من الثقة ، كما أن مثل هذا اللقاء سيرسل رسالة واضحة للشارع و الجماهير مفادها أن حكومة الثورة متناغمة و منسجمة و يهمها العمل الموحد من أجل إنجاز أهداف ثورة ديسمبر في السلام و الحرية و العدالة.
قوى الحرية و التغيير تضم في كتلها قادة سياسيين معتقين جربوا من قبل الحكم و كانوا جزء من تاريخ السياسة السودانية و بالتالي يملكون من الخبرات ما يحصن الفترة الانتقالية من أمراض الماضي ، و هذا عكس أعضاء مجلس السيادة و مجلس الوزراء فمعظمهم حديثو عهد بالعمل في الدولة ضمن هذا المستوى الرفيع مما ينعكس بالتأكيد على فاعلية الأداء و الحركة للحكومة ، و لذلك فإن اجتماعات متواصلة مثل هذا الاجتماع الثلاثي المشترك سوف يضخ في الدولة مزيج من دماء الخبرة و الحماسة، خبرة المعتقين و حماسة الجدد ، و هو مزيج مطلوب في ظل وضع اقتصادي و سياسي محتقن مفتوح على كثير من الاحتمالات غير الجيدة .
الجيد أن الاجتماع لم ينفض قبل أن يشكل لجنة رباعية من الاطراف الثلاثة للتنسيق تضلع بكل المهام و الملفات المشتركة، و هي لجنة بالتأكيد ستقوي من الانسجام بين أطراف الحكومة و تساعدها على السير في هارموني موحد لا يخرج عنه شيء الا ظهر كالنشاذ و نبذ .
و جيد ايضا ان نتجت عن هذا اللقاء المشترك لجنة خاصة بالسلام من الأطراف جميعا ، إذ كان غريبا جدا عدم اشتراك قيادات قوى اعلان الحرية و التغيير في محادثات السلام الماضية في جوبا ، و هو ما ارسل رسائل سالبة عن المحادثات ، و تصحيح ذلك بهذه اللجنة بالتأكيد سيضيف لعملية السلام الزخم و الدعم السياسي و الجماهيري المطلوب .
المطلوب ان لا تترك كل الملفات للجنة التنسيق و تعود الأطراف الثلاثة مجددا لوضعها الاول جذرا معزولة عن بعض ، بل المطلوب ان تسند اللجنة التنسيقية باجتماعات ثلاثية مشتركة بكامل الاطقم على فترات متقاربة لتدعيم الثقة و دعم برامج الحكم و متابعة تنفيذ أهداف الثورة.
بالتأكيد فرح الشعب السوداني بهذا الاجتماع الثلاثي و شعرت الجماهير لأول مرة بأن حكومة الثورة متحدة و متوافقة و تملك كل الشجاعة لتمتين الثقة بين أطرافها من أجل ان لتعمل معا في مواجهة تحديات الفترة الانتقالية ، و هو ما يبشر بأن القادم أحلى.
sondy25@gmail.com