ضمن فعاليات البرنامج المصاحب لمعرض الخرطوم الدولي للكتاب اقيمت ندوة تجربة نشر اgمجلات الثقافية بالسودان تحدث فيها الناقد والصحافي رئيس تحرير مجلة الخرطوم التي تصدر عن وزارة الثقافة والإعلا مجذوب عيدروس.
أدار الندوة الناقد نادر السماني الأمين العام لاتحاد الكتاب السودانيين الذي استهل الندوة بتوضيح أن المجلة الثقافية بالسودان قديمة جداً، مشيراً الى مجلتي الفجر والنهضة في بدايات الثلاثينيات من القرن الماضي، وإسهامهما بدور كبير في إثراء ساحة الثقافة من خلال الكتابات الثقافية المختلفة، والكتاب السودانيين الذين وجدوا مساحات للنشر والتعبير عن أفكارهم وإبداعاتهم.
بعد ذلك قدم نادر المتحدث مجذزب عيدروس مثمنا دوره الكبير ناقداً وصحفياً عايش المشهد الأدبي، وتفاعل معه، واثر فيه وتأثر به، وقال: “من خلال عمله بالصحافة الأدبية فهو خير من يتحدث في هذا الموضوع المهم”.
استهل بعد ذلك عيدروس حديثه حول موضوع الندوة منطلقاً من مجلتي الفجر والنهضة بوصفهما أولي محطات الصحافة الأدبية في السودان، واولي المجلات الأدبية والثقافية.
واستعرض عيدروس الدور الثقافي السياسي الاجتماعي الذي أدته مجلة الفجر خصوصاً في تعريفها بالاستاذ احمد خير المحامي، وتوثيق مساهمته، والمحاضرة التي قدمها، والتي أفضت إلى تأسيس مؤتمر الخريجين بمدينة ود مدني، ومن ثم قاد مؤتمر الخريجين الى الاستقلال وخروج المستعمر.
وأضاف عبدروس أن الفجر ابرزت إسهامات الرعيل الأول في قضايا الوطن والمجتمع والثقافة العامة، وبلورت الكثير من الآراء وقاربت الأفكار، مما جعل عدداً من التيارات الفكرية تتلمس طريقها نحو عقول السودانيين، منوهاً بالدور الكبير الذي أدته مجلة الفجر بوصفعا منبراً لبث الوع،ي وتبلور الشخصية السودانية في مرحلة ما قبل الاستقلال.
وقال إن المحلات الادبية السودانية توالت بعد ذلك في الصدور لتؤدي الدور الذي أدته الفجر في بث الوعي بقضايا الوطن، وبالحراك الثقافي، والهوية الوطنية .
تطرق بعد ذلك مجذوب عيدروس لحال المجلات الثقافية في السودان مقارنة بالوضع في مصر ضارباً المثال بتجربتي مؤسسة الإهرام القاهرية التي تأسست سنة 1876 منذ وجود العهد التركي المصري بالسودان، ومنذ ان صدرت لم تغب عن الصدور حتي ليوم واحد، وكذلك مجلة الهلال التي لم تغب عن الصدور حتي يومنا هذا، وعزا عيدروس ذلك إلى وجود المؤسسات الاعلامية بمصر، وهي لا تتأثر بتغيير الأنظمة ولا الأفراد، ولا تختفي وتندثر بذهاب الأشخاص الذين قامو بتأسيسها.
ودلف بعد ذلك عيدروس إلى مسألة تدخل الحكومات الشمولية في السودان في أوضاع الصحافة عموماً، وتاثر الصحافة الادبية على وجه الخصوص بهذه التدخلات؛ مشيراً الى تجارب التأميم التي تمت للصحف ضارباً المثل بتدخل حكومة مايو ممثلة في تنظيمها الحاكم (الاتحاد الإشتراكي) في شأن مجلة الخرطوم التي أسسها قيلي أحمد عمر والتي كانت تصدر لمدة حمسة أعوام متواصلة إبن فترة الديمقراطية الثانية من عام 1965 وحتي مايو 1969 . وكان من أول قرارات حكومة عبود في 17 نوفمبر 1958م حل الأحزاب والنقابات وتعطيل الصحف، ثم جاء انقلاب 25 مايو 1969م فتكررت ذات المأساة. وفي 30 يونيو 1989م اتخذت حكومة الإنقاذ البائدة ذات القرار بتعطيل الصحف وحل النقابات والأحزاب.
وتساءل عبدروس عن إمكانية تطور الصحافة عموماً، والصحافة الأدبية على وجه الخصوص في السودان في ظل الانقطاعات المتكررة لمسيرتها بواسطة الحكومات الشمولية.
مضي عيدروس لاستعراص عدد من التجارب الادبية المختلفة لمجلات ادبية في السودان، ودورها الكبيرفي مسيرة الثقافة السودانية والحياة الادبية والثقافية، ومسيرة الكتاب والمبدعين عبرها، منوهاً بتجارب محلة القصة التي اسسها القاص عثمان على نور، ونشرت الكثير من القصص القصيرة للكتاب السودانيين على رأسهم الراحل عبقري الرواية العربية الطيب صالح، كما كانت تنشر الدراسات النقدية حول القصة السودانية، وأطل عبرها الكثير من الكتاب، وظلت منتظمة في الصدور لمدة عامين متتاليين قبل ان تتوقف عن الصدور.
كما عرج عيدورس مرة اخري إلى مجلة الخرطوم ودورها الكبير في مسيرة الثقافة، وكذلك مجلة الثقافة السودانية، ومجلة الثقافة الوطنية ،ومحلة الاذاعة، وهنا امدرمان؛ مستعرضاً عديد التجارب في مجال المجلات الادبية.
وخلص عيدروس الى ضرورة أن تضمن الدولة انتظام صدور المجلة، خاصة مجلات الوزارة الخرطوم والثقافة السودانية ، وإعادة تأسيسها لتصبح مؤسسات اعلامية راسخة لا تتأثر بتغير الأنظمة والأفراد.
وختم جذوب عيدروس حديثه بضرورة استغلال أجواء الديمقراطية الحالية من أجل استعادة ذلك الدور، مع تجنب السلبيات، وتعضيد الإيجابيات، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في تقديم هذه المجلات للقارئ، وهي مواكبة للنقلة من حيث المحتوى والإخراج الفني.
حظيت الندوة بعدد من المداخلات من الحضور أثرت النقاش حول مستقبل الصحافة الادبية والمحلات في السودان.