رصد – التحرير:
“لا.. للحزب النوبي” تحت هذا العنوان كتب الإعلامي السوداني محمد عبدالحميد من مهجره في هولندا، منتقداً تأسيس حزب نوبي، وهو الذي وافقت عليه لجنة الأحزاب مؤخراً باسم “حزب كوش”، وقال محمد وهو نوبي من وادي حلفا في صفحته بالفيسبوك: “بادر عدد من النوبيين بتشكيل حزب سياسي، وأنا أكتب هنا والآن محذراً من الأضرار والمخاطر الفادحة التي يمكن أن تلحقها مثل هذه المبادرة بمصالح أهلنا في كل مكان، وخاصة في مواطنهم الأصلية (وادي حلفا والسكوت والمحس ودنقلا وحلفا الجديدة)”.
ومضى قائلاً: وأود أن أؤكد بداية أن جميع من أعرفهم من المبادرين، عرفوا بالمنافحة المخلصة عن قضايا النوبيين ومصالحهم، منذ وقت طويل، ولا نشك مطلقاً في نواياهم أفراداً وجماعة، ومع ذلك يحق لي أن أختلف معهم، بل أحذر من أن هذه الفكرة ليست فقط عديمة الجدوى، بل يمكن أن تكون مضرة جداً بمصالح النوبيين”.
وسوغ عبدالحميد معارضته بوجود صيغ مجربة أكثر جدوى، وبأن مثل هذا الحزب يزيد حدة الاستقطاب والتفكك، فقال: “لدى النوبيين تاريخ طويل وتقاليد راسخة في إنشاء الأندية والروابط التي تجمعهم تعبر عنهم، وتدافع عن مصالحهم، ولديهم كذلك خبرة وقدرة على تشكيل جماعات الضغط المؤقتة للتعامل مع قضية محددة في وقتها لتنفض بنهايتها. وأنا أظن أن هذه الصيغ المجربة أكثر جدوى وفعالية في الدفاع عن مصالح الناس، والتعبير عنها، وأفضل من المغامرة بإنشاء حزب سياسي لن يسهم إلا في مضاعفة حدة الاستقطاب العرقي/الإثني/القبلي الذي يهدد بتمزيق بلادنا (السودان بأكمله)، ويدفع بها للتفكك والانقسام”.
وتحسر الإعلامي المهجري من عدم تعلمنا من دروس الحرب، مشيراً إلى “أن مثل هذه المبادرة تعني عندي، أننا لم نتعلم شيئاً من أكثر من نصف قرن من الحرب الأهلية الدموية المدمرة في بلادنا بسبب المسارعة للحشد، والتعبئة السياسية على أسس إثنية/ثقافية/فبلية للتصدي لمظالم حقيقة تستوجب المقاومة”.
ودعا إلى عدم الاتجاه إلى هذا المنحي يأساً من أحزابنا، قائلاً: “الأمر عندي أيضاً في غاية الوضوح والبساطة.. يجب ألا يدفعنا الغضب واليأس من مؤسساتنا وأحزابنا السياسية القائمة إلى أن نتجه لهذا المنحى الخطر.. إذا شكلت أي جماعة ثقافية/ إثنية/ أو لنقل أي شعب من شعوب السودان العديدة حزباً سياسياً يخصها، لما بقيت لنا جميعاً مساحة للعيش المشترك، وبناء وطن يسعنا جميعاً”.
وأكد الإعلامي محمد عبدالحميد وجود مظالم نوبية، موضحاً أن “بالطبع لدى النوبيين مظالم تاريخية وراهنة لا حصر لها، ويجب التصدي لها الآن وفوراً، ويمكن أن نفعل ذلك دون حزب سياسي”، ودعا في الختام إلى الحوار، بقوله: “ويمكننا بالطبع أن ندير نقاشاً هادئاً وموضوعياً حول الأمر يقرب المسافات بيننا، ويوضح أفكارنا دون أن نخوّن أو نجرّم بعضنا”.