عشت أياماً متفاعلاً مع معرض الخرطوم الدولي للكتاب في
دورته الخامسة عشرة؛ بسبب مشاركة مركز البحوث والتواصل المعرفي بالرياض، الذي كنت
ضمن وفده في هذا المحفل الثقافي.
وبداية أشكر لوزير الإعلام فيصل محمد صالح ووكيل
الوزارة د.جراهام عبدالقادر اللذين رحبا بمشاركة المركز، في إطار اهتمام الوزارة
بتجسير العلاقات الإعلامية والثقافية مع الدول الشقيقة والصديقة، وهذا الترحيب
تحدث معي عنه كثير من ممثلي دور النشر المشاركة من عدد من الدول، وقد لمسناه من
جميع المسؤولين والموظفين المعنين الذين قدموا وجهاً مشرفاً للسودان، وهم يعكسون
الكرم السوداني والحفاوة البالغة بالضيوف.
وقد حرص الوزير على التعبير عن حفاوته بأحاديث ودودة مع الضيوف، وقد لمست ذلك وهو يتحدث مع زميلي ورئيس وفد المركز الشاعر صالح زمانان، ومعه الملحق الثقافي السعودي د.بندر الحركان، الذي حرص على أن يكون في استقبال الوزير في الجناح السعودي الوحيد بالمعرض، في لفتة رائعة توضح أهمية أن يقوم المسؤول بدوره بسلاسة، وبلا عقد، وترك حديث الوزير معهما، ومع كثير من الضيوف أثراً طيباً في النفوس.
وفي إطار الإيجابيات التي تستحق الذكر، أشيد
بالفعاليات الثقافية التي كانت إجمالاً رائعة، وكذلك بالإقبال الذي وجده المعرض من
عشاق القراءة والثقافة من كل الأعمار، وكان منظر طلاب المدارس والجامعات وهم
يقبلون في جماعات منظمة مما يشرح القلب ويسر الخاطر.
وعلى الرغم من حديث الوزير عن العقبات والصعاب التي
كادت تحول دون إقامة المعرض هذا العام إلا أنني أهدي إلى القائمين على المعرض بعض
الملاحظات، من أجل مزيد من التجويد في الدورات القائمة.
وأولى الملاحظات بعض التعقيد في الإجراءات الجمركية،
على الرغم مما لمسته من حرص المسؤولين على التيسير، وأذكر منهم العقيد الناجي على
إدريس الذي توجهت إلى مكتبه من المطار مباشرة بسبب عدم الإفراج عن الكتب بحجة
الإجراءات الإدارية، في حين أنه أوضح لي وتحدث إلى المعنيين من الموظفين بعدم
تأخير أي إجراء يخص المشاركين في المعرض، ومع ذلك جلست معه أكثر من ساعتين في
انتظار انتهاء الإجراءات ثم تابعت الأمر ساعات أخرى، حتى أنني عندما مرّ الوزير
ومرافقوه على الجناح كنت لا أزال بملابس السفر من الرياض، بسبب ضيق الوقت.
ومع أن هناك من الزملاء الصحفيين من أراد أن يفسر ذلك
بوجود الدولة العميقة التي تعمل على إعاقة حكومة الثورة، إلا أن تفسيري أن هناك
عقلية جامدة تسيطر على دولاب العمل الحكومي، وهي تحتاج إلى معالجة جذرية لا تتم
إلا بالأخذ بتطبيقات الحكومة الإلكترونية في كل المجالات، حتى يمكن القضاء على
سلحفائية الإجراءات.
وهذه التطبيقات فيما يخص المعرض تساعد على سهولة معرفة
مكان أي جناح، وما يشتمل عليه من إصدارات، كما يساعد الباحثين على العثور على
الإصدارات التي تدخل في نطاق اهتمامهم، وعلى الأنشطة المصاحبة والفعاليات
الثقافية، وعلى كل المعلومات التي تتعلق بالمعرض والمشاركين من شخصيات ودور نشر،
مع إيجاد منصات للتدشين، والتصوير التلفزيوني واللقاءات الصحفية، بشكل أكثر
تنظيماً.
وقد تعبت كثيراً في سبيل المشاركة في مسابقة القصة
القصيرة، بسبب عدم استجابة البريد الإلكتروني، لمشكلة تقنية، أو لخطأ في لعنوان،
كما لاحظت أن موقع المعرض في حاجة إلى تحديث في شكله ومحتواه.
ولعلي أشير هنا إلى مشكلتنا المزمنة في كل مكان عام،
وهو غياب البعد الجمالي في البيئة المحيطة، وهذا ما يؤدي إلى الاستخفاف، والتعامل
غير الراقي مع المكان من مرتاديه، بينما يبدو هؤلاء أنفسهم في قمة الرقي إذا وجدوا
بيئة جميلة تبدو عليها الهيبة والوقار، ولا يتطلب إلباس أي مكان ثوب النظافة
والجمال والأناقة إلى إمكانات هائلة كما يظن كثيرون، ولكنه يحتاج إلى حس راقٍ،
وذوق عالٍ.
وأعتقد أن في الإمكان الاستعانة بطلاب كلية الفنون
الجميلة ليضفوا على المعرض أبعاداً جمالية، مع صياغة هوية فنية تبدو عناصرها في كل
أركان المعرض.
التطلعات واسعة، والآمال عريضة، ولا نريد تثبيط الهمم،
بقدر ما نحاول التفكير معاً بصوت عالٍ لإيجاد واقع أفضل وأجمل في كل ربوع بلادنا،
التي بلا شك أجمل بلا كيزان.
وختاماً الشكر الجميل لكل من جعل قيام هذا المعرض ممكناً.