صدر بيان ممن اسموا أنفسهم مجاهدي الدفاع الشعبي هددوا فيه بحريق شامل في البلاد لن يسلم منه أحد حال تسليم المخلوع عمر البشير لمحكمة الجنايات الدولية بلاهاي.
خطورة هذا البيان ليس في قدرة من اصدروه على زلزلة استقرار البلد فهم عاجزون عن ذلك بالتأكيد ، و إنما خطورته تكمن في أن يمر بدون انتباه من الأجهزة الأمنية مما قد يغري صف طويل من الأجهزة الوهمية و الكيانات الكيزانية المتعددة لإصدار بيانات متشابهة ثم لا تلبس ان تصدر هذه البيانات عبر الصحف الكيزانية المعروفة و تتحول بالتالي إلى موجة اعلامية تؤثر اولا على حالة الاستقرار الهشة في ظل دولة الثورة و تعطي انطباعا دوليا خاطئا عن خروج الأوضاع عن سيطرة الحكومة الانتقالية ، و هو ما قد يعرقل جهود مهمة مثل مساعي رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب و مساعي الحكومة الانتقالية في جذب استثمارات أجنبية في ظل اقتراب توقيع اتفاق السلام الشامل .
انظروا إلى بيانهم و ما يحتويه : ( محاولة محاكمة البشير خارج السودان سوف يكون لها مالم يتحسبون له وهذا يعني الحريق الشامل الذي لن يسلم منه أحد ولا عذر لمن أنذر ) ( فنحن قادة المجاهدين نعد لهذا الأمر من فوق الأرض وتحت الأرض وأن النصر آتٍ بإذن الله ) . الغاء القبض بأسرع فرصة ممكنة على من أصدروا هذا البيان و عرضهم في التلفزيون الرسمي ، و توجيه رسالة واضحة عبر ذلك لكل من تسول له نفسه تهديد امن و سلامة البلد و الثورة بالملاحقة و السجون أمر مهم و ضروري و لازم .
هؤلاء الذين أصدروا هذا البيان كان يمكنهم ان يصدروه بطريقة لائقة ، فهم في ظل دولة حرية التعبير ، ان يوضحوا انهم ضد تسليم المخلوع و ان يذكروا مبررات موضوعية و قانونية في بيانهم ، فهذا من حقهم ، من حقهم ان يعبروا كمواطنين سودانيين عن وجهة نظرهم في اي قضية وطنية ، مادام التزموا بحقوق و واجبات الوطنية و التي اولها عدم إصدار التهديدات للحكومة و لأمن و سلامة الوطن .
كان على هؤلاء الرافضين لتسليم المخلوع للاهاي ان يذهبوا اولا إلى دارفور إلى الضحايا او ما تبقى منهم من أبناء او أباء او أمهات و ليطلبوا منهم العفو و السماح عن المخلوع ، فما فعله المخلوع من جرائم فيهم لا يمكن أن يتقبلها بشر ، و لا يمكن ان يدافع عن مرتبكها شخص سوي يؤمن بحق الإنسان في الكرامة و العدالة و حق المجرمين في العقاب .
كان على من أصدروا هذا البيان أن يحاسبوا أنفسهم اولا اين كانوا حين كان المخلوع يرتكب جرائمه؟ أين كانوا حين قتل المخلوع أكثر من ثلاثمائة ألف مواطن سوداني و هجر أكثر من ثلاثة ملايين مواطن سوداني من بيوتهم و منازلهم و زراعتهم و أصبحوا يسكنون في معسكرات النزوح و اللجوء، أين كان هؤلاء و هذه الملايين تأكل وجبة واحدة في معسكرات اللجوء و تعاني من الجوع و المرض و سوء الحال و لم يساعدهم الا هذا العالم الخارجي الذي يرفضون تسليم المجرم اليه ، أين كان هؤلاء المغفلين و العالم يساعد مواطنين سودانيين في بلادهم على الحياة بصورة أفضل في ظل تعدي رئيسهم عليهم ، أين كانوا ؟ و اليوم يأتون ليتباكوا على المجرم ، و كان ملايين الضحايا هؤلاء ليسوا بشر و ليس أخوة لهم في الوطن !! عار هذا الذي يحدث و عار كبير .
الباب مفتوح في دولة الثورة لحرية التعبير ، كل من يملك رأيا فليقله ما لم يعتدي على حرية الآخرين، اما من يريد أن يعتدي على الوطن ، فإنه قد وضع نفسه تحت طائلة حكم القانون ، و القانون في دولة القانون فوق الجميع .
sondy25@gmail.com