الخال الرئاسي (المخلوع) حتى الآن من تجريده عرش السلطة والنفوذ والإقتدار على القانون واللوائح وحقوق البسطاء ، ينعت السيد / وزيرالصحة الإتحادي بـ (ديك العِدة) ويتَّهمه وعبر نظرته قصيرة المدى والمشوَّهة بتجاوز الأخلاقيات في كل مقامٍ ومقال ، بأنه قد كلّف البلاد خسائر تُقدَّر بمليارات الدولارات جرَّاء تصريحه بوجود حالات إصابة بحُمى الوادي المُتصدِّع في السودان ، هذا المرض الذي ينتقل عبر الماشية إلى الإنسان ، ويفوت على الإسلاموي الطيب مصطفى أنه وعبر تحليلهُ هذا ، يفترض أن (سكوت) السيد الوزير هو الصيغة المُثلى (لتحصيل) الموارد للبلاد عبر الإستمرار في تصدير تلك الماشية وتعريض حياة (المسلمين) في السعودية أو غيرها إلى الخطر ، وطبعاً فإن وجهة نظرهُ تجاه (غير المسلمين) ستكون بكل تأكيد (فليذهبوا جميعاً إلى الجحيم) ، وهذا نسقٌ في التفكير بقليلٍ من التصرُّف يندرج تحت قاعدة (الغاية تُبرِّر الوسيلة) ، وهو ذات المنهج الذي يتبَّناهُ مشروع الإسلام السياسي الذي وُلد من صلبه ما سمي زوراً وبهتاناً (التوجُّه الحضاري الجديد) الذي يُبيح خداع الآخرين وتعريضهم لكل أنواع المهالك من أجل (تقليب الجيوب) وملأها بالمال حلالاً كان أم حرام ، لا وازع في ذلك أن يقع الضرَّر على الآخرين ، ولا إشكال في ذلك أن تكون القيَّم والمُثل والأخلاقيات الإسلامية والإنسانية وكذلك القوانين والإتفاقيات والعهود (قُرباناً) يملأ خزائن الدولة التي كانت في عهدهم خزائن شخصية وليست عمومية.
على الطيب مصطفى الذي يلوم وزير الصحة عن سابق علمٍ بالموضوع وترصُّد ، وأولئك الذين يلومونه عن غير علمٍ ولا دراية بالموضوع ، أن يعرفوا أن أمر التصريح بوجود أمراض معينة متعلقة بالماشية والدواجن هو إجراء إجباري لا خيار فيه ، إذ أن دائرة الرقابة على تصدير اللحوم في منظمة الصحة العالمية تطلب تقاريراً تساهم فيها العديد من المنظمات في البلدان المُصدِّرة ، وبذلك وإذا إفترضنا إنتفاء وازع الضمير والأخلاقيات المهنية والتجارية لدى وزيرنا ومسئوليه ، فإنه أي سعادة الوزير يحتاج أيضاً ليسكُت عن تصريحه أن يقوم (برشوة) تلك المنظمات المتخصِّصة لتقوم هي بدورها (بتزوير) تقاريرها لدى منظمة الصحة العالمية ، وبما أن المُستهدف الأساسي من هذه المراوغة هو الإستمرار في تصدير الماشية على السيد الوزير أيضاً أن يقوم (برشوة) الوكلاء الصحيون لتلك البلدان المستوردة للماشية السودانية عبر دفعها إلى تزوير نتائج كشفها الميداني على الماشية المُصدَّرة إليها ، ليست من مواهب د. أكرم التوم التلاعب باللوائح والقوانين ، وهو ليس (متخصصاً) في ألاعيب الضحك على الذقون ولا هو سبَّاحٌ ماهر في مستنقعات الفساد والتكالُب على حصول السودان وصادراته على ما لا تستحق من التقدير والثقة التجارية والضمانات التي تُعلي من قدراتهُ التفاوضيه في المستقبل.
بقي أن يعرف الخال الرئاسي أيضاً أن أمر هذه البلاد بعد سقوط الإنقاذ وفسادها المُستشري قد إستقام على مبدأ الشفافية مع الذات و(الآخرين) ، ولا مجال في سوداننا الجديد إلى المُنافحة عن حقوق هي في الأصل (غير شرعية) ولا نستحقها ، سيتحصَّل السودان على مدخولهُ الوفير من الصادرات دون محاولات لإخفاء واقعنا وإن كان مريراً ، ودون تعريض حياة المستهلكين الخارجيين للخطر ، بذلك سنكتسب سُمعةً حسنة في مجال تجارتنا الخارجية وستوفِّر مثل هذه (الإعترافات والتصريحات) سوابق إيجابية حول ثقة المستوردين في الماشية السودانية وصلاحيتها للإستهلاك الآدمي ، حق للكثيرين ممَن تعوَّدوا وغاصوا ثلاثون عاماً في غياهب الكذب والخداع والمراوغة أن (يستغربوا) منهج الشفافية في تعاملات حكومتنا المدنية الموفَّقة ، كيف لا وعلى مستوى نظرتي الشخصية لا أجد ميزةً للديموقراطية إذا ما قورِّنت بالإستبداد أمثل وضوحاً من إتساع رقعة الشفافية وتمليك المعلومات لعامة الناس خصوصاً أصحابا الحقوق والمصالح.