سررت حين أعلن الرئيس حمدوك إيجاد مقعد مجَّانٍ لكل طفل في سن السادسة العام المقبل. هذا يعني:
1- دخولنا مرحلة ” تعميم ” التعليم الأساس. والتعميم يعني توفير فرصة لكل طفل “يطلب” التعليم طوعاً.
وهذا المقصد ليس سهلاً مع بقاء الآلاف خارج التمدرس؛ لظروف الاحتراب والمعيشة ومختلف التحديات بما يصل إلى ٤٥ في المية من مجمل أطفال السودان.
عندما نتأكد لاحقاً من وجود فصول لكل الراغبين من الجنسين في كل السودان نتجه إلى:
2- مرحلة الإلزام: هنا يصدر قانون يلزم كل ولي أمر بالذهاب بأطفاله للمدارس، وإلا يحاكم. وفي ظروف بلادنا التي نعيشها هذا هدف نبيل تتقاصر عنه الإمكانات المتاحة في تقديري.
أعلنت وزارة التربية أمس العودة لنظام السلم التعليمي القديم:
(6) الابتدائي.
(3) المتوسط.
(3) الثانوي.
وهذا يعني تقليص قاعدة التعليم من ٨ سنوات الحالية إلى ٦ سنوات. بمعنى أن الطفل كان متاحاً له دراسة ٨ سنوات حدا أدنى تنطوي على كثير من المعلومات والمهارات والسلوكيات الراشدة التي تؤهله لـ “المواطنة الصالحة” التي تعني ممارسة واجباته الشخصية والأسرية والاجتماعية والسياسية بوعي ومسؤولية ويعرف حقوقه ويتمسك بها، فضلاً عن الحؤول دون الارتداد للأميتين الأبجدية والحضارية، بل فتح المجال له للتثقيف الذاتي حتى نصل لمستوى:
3-“المجتمع المعلم المتعلم” أي أن يصبح كل فرد معطياً لما يعرف ومستوعباً ومواكباً كل جديد في وقت تتدفق فيه المستجدات على مدار اللحظة التي تفرض حتى على حملة المؤهلات السامية الحرص على التجديد.
وفي ضوء الرؤية الجديدة القديمة سيتوقف قطار التعليم لدى الآلاف في محطة الصف السادس؛ بفقدان عامين مدرسيين يجعلهم يتدفقون في دروب الحياة في أعمار أصغر، وبمكتسبات تعليمية أقل.
هذا مع صعوبة بلوغنا إلزامية التعليم في مستويي الابتدائي والمتوسط في الواقع الماثل، علماً أن التعليم مكلف، ولاسيما ونحن نستشرف أفق إنصاف المعلمين، والارتقاء بالبيئة المدرسية؛ متسقاً مع الاضطلاع بمسؤولية كم هائل من النشء في مناطق النزاعات فور إقرار السلام المرتجى يواجهون ظروفاً استثنائية قد تقتضي ابتداع أساليب غير نمطية مثل تشغيل المدارس دورتين صباحية ومسائية عند الاقتضاء، واستدعاء المعلمين المتقاعدين لتوظيف خبراتهم الثرة مع تأهيل وإعادة تدريب من بالخدمة.
أما نقل جميع الطلاب للمتوسطة دون امتحانات مرحلية فطموح مشروع، ولكن هل في المستطاع حالياً مضاعفة أوعية التعليم الثانوي لاستيعاب الحشود المصعدة؟
رأيي أن نعمم تعليم الأساس الحالي، ثم تطبيق إلزاميته، ووقتذاك يمكن تطبيق هيكلة جديدة في ضوء التوسع الهائل في الثانوي حتى لا نفاجأ بواقع مغاير لما نتمنى.
وبكل هذه المعطيات فإن التعليم يحتاج إلى استنفار هائل رسمي وشعبي مسنود بدعمين إقليمي ودولي ينطلق من إرث تربوي عظيم يمتد من الخلاوى التي لم يستطع التعليم الحديث مجاراته حتى اليوم في نهج توخي الفروق الفردية.
سيدي وزير التربية
يقيني أن منطلقك في برنامجك الطموح وطني يرمي لمصلحة الوطن الحبيب.
وقد رأيت طرح رؤيتي النابعة من مردود عمر قضيته في دروب التعليم في الريف والحضر .. في الداخل والخارج: تدريسا وإدارة وتخطيطاً وإعلاماً تربوياً؛ استجابة لمناشدتك بل وترحيبك بكل الآراء المؤيدة والمتحفظة، آملاً أن أكون قد طرقت نافذة تفكير خارج الصندوق.
هذا اجتهادي
وأجزل احترامي
أنور محمدين
تربوي وإعلامي
صفحة أشواط العمر في فيس